للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويحتمل أن يكون ذلك المُعامَل مات أبوه قبل بلوغه واتصل حاله (١) بمن رَشَّده. ويحتمل بقاء الحجر فيهما.

فكان الاحتمال بذلك ضعيفًا لا يقاوِم الاحتمالين الأوَّلَين واستمرارَ التصرف. فلذلك جرى الناس على هذا الحكم للمعيَّن أو عليه، في الواقعة المعيّنة المقتضية لثبوت الحَجر، على المحتاجة إلى ارتفاع الحَجر.

وأما الآية فوجه الاحتجاج بها، أن {رُشْدًا} نكرة في سياق الشرط، والنكرة في سياق الشرط، في نظر الشافعي، تعمّ، فلا يكون مطلقًا. فلذلك اعتَبر الشافعي (الصلاح في المال والدين)، لأنه مقتضى العموم.

فإن قيل: إذا ادُّعِي على ظاهر التصرف من غير ثبوت رُشده، هل تُسمع الدعوى عليه فيما لا يُقبل إقرار السفيه به؟

قلنا: نعم، لظهور الحال وقوة الاحتمال.

فإن قال: (أنا سفيه، وإنما وليِّي أعطاني هذا، ليختبرني)، فلا يُحكم عليه حتى ينكشف الحال.

وأما تعجُّبُه مما قال الإمام (٢) فهو بتأويلٍ يرجع إلى ما قال الناس، وذلك أن قوله: (إذا بلغ الصبي ولم يوجد منه ما يخالف الرشد)، يعني: بلغ رشيدًا


(١) لم تتضح هذه الكلمة في المخطوط.
(٢) المراد به: إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني. والضمير في (تعجبه) يعود على الشيخ ابن عبد السلام. ويقصد البلقيني بهذا: الإشارة إلى أن الشيخ استَشكَل هنا قولًا لإمام الحرمين يتعلق بنفس موضوع الرُّشد المتحدَّث عنه، فقال: (والعجبُ أن الإمام رحمه الله قال في (النهاية): إذا بلغ الصبيُّ ولم يوجد منه ما يخالف الرشدَ، انفكّ الحَجر عنه) ثم قال الشيخ ابن عبد السلام: (وهذا لا يليق بمذهب الشافعي رحمه الله ولا بقوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] فعلَّقه الرب سبحانه وتعالى على البلوغ وإيناس الرُّشد. وكيف يُحكم بانفكاك الحَجْر عنه مع أن الغالب على الناس فسادُ الدين). قواعد الأحكام ٢: ٤٤.

<<  <   >  >>