للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعطِّلة يحرِّفون هذه الآية لكن هيهات، يقولون: وكلَّم اللهَ، ويكون على تحريفهم التكليم من موسى لله، يعني: موسى كلَّم الله (١).

ولو كان الأمر كذلك فهل يكون لموسى خصوصية؟

لا، كل أحد يمكن أن يكلم الله، أنت تكلِّم الله، وتناجيه «إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه» (٢) الداعي يكلم ربه يقول: يا رب، يا رب، لكن خصوصية موسى في أن الله كلمه، ولا يستطيع مبطل معطِّل أن يبطل هذه الأدلة يقول: وكلَّم اللهَ،؛ لأن كلام الله محفوظ في الصدور، وفي المصاحف: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد (٤٢)[فصلت].

وهذا التكليم بيَّن اللهُ أنه كان مناداة، ومناجاة، كما في آية سورة مريم ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)﴾، فالله تعالى نادى موسى، ونادى الأبوين آدم وحواء من قبل لما عصيا، وخالفا أمر الله، وارتكبا ما نُهيا عنه ﴿فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين (٢٢) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين (٢٣)[الأعراف]، وكذلك ينادي المشركين يوم القيامة توبيخًا لهم ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُون (٦٢)[القصص]، ويخاطب الرسل ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ


(١) انظر: بيان تلبيس الجهمية ٢/ ١٢، والصواعق المرسلة ٣/ ١٠٣٧.
(٢) رواه البخاري (١٢١٤)، ومسلم (٥٥١)، من حديث أنس .

<<  <   >  >>