للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفتوحة"، وتجيء الإجابة من خلال النظر في قضيتين قضية الجهاد وقضية الردة.

فالجهاد محدود بحدود "الدفاع المشروع" لا يستقدم عنه خطوة ولا يستأخر خطوة، مقصور على "حكم الضرورات الحربية وحدها" ولتأمين الدولة فقط (١)، ومن هذه "السماحة" التي يتحلى بها الإسلام مع أعدائه خارج الحدود ينتقل إلى سماحته داخل الحدود، ويناقش على ضوء هذه "السماحة" عقوبة جريمة الردة، وينقل عن أحد الكُتَّاب رأيه. . . "وخلاصة رأينا أن القرآن لم ينص في آية ما على قتل المرتدين عن الإسلام إلى دين آخر أي: "دون تحول لصفوف المحاربين". . . ثم إن لبدء ظهور الإسلام من الأحكام ما ليس لغيره؛ لأنهم كانوا إذ ذاك يلحقون بأقوامهم، ويحاربون المسلمين في صفوفهم أو يظهرونهم على عوراتهم. . . "فلم يكن الارتداد لمجرد الخروج من الدين؛ والمستقرئ لأحاديث الباب لا يكاد يجدها تخرج عما قلنا". . . ثم يعقب المؤلف على هذا الرأي: بأن جريمة الردة حقًا يحيط بها بعض الغموض، وإننا تعوزنا فيها الأمثلة التطبيقية القضائية المفصلة، "وغموضها في صالح المتهمين حتى تتضح. والصورة التي طبق بها المسلمون شريعة العقاب تدل على توقي الإسراف في التجريم والإدانة بالشبهات. . . وإذا كان ذلك في العصور الوسطى فكيف بعصرنا الذي انضبطت فيه تشريعات العقوبات والإجراءات؟؟ " (٢).

ويختم هذا النقاش بقوله: "فالأصول والتطبيقات تشهد بأن الدولة الإسلامية لم تتكئ على القوة، لتغلق نوافذ الفكر في الداخل، أو تجبر الناس على اعتناق دينها في الخارج" (٣).

هذا بعض ما يريده مؤلف كتاب "الفكر الإسلامي والتطور" من أوجه التطور، وهو يعطي في مجمله القضايا الرئيسة والدوائر الكبيرة التي تهتم بها مدرسة التجديد العصراني الجديدة، ويكشف لنا جانبًا من طرق معالجتها لإيجاد المعادلة بين الإسلام وبين الفكر الغربي، ومعه في المدرسة نفسها مفكرون آخرون فلنمض قدمًا في عرض فكرهم.


(١) " Islam and Modernism" P.٢٥٠,٢٦٠.
(٢) المصدر نفسه ص ٢٦٦ - ٢٧٠ نقلًا عن.
(٣) المصدر نفسه ص ٢٧٨.