للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقييد الطلاق، وتقييد تعدد الزوجات، والدعوة إلى الاختلاط وترك الحجاب. ونطالع الإطار العام الذي يضع فيه الكاتب قضية المرأة في هذه الفقرة:

"أول ما ينبغي أن يراعى في قضية المرأة وأشباهها، أنها وثيقة الارتباط بواقع البيئة الاجتماعية، والمجتمع الواحد يختلف من زمن لآخر، والمجتمعات تتباين فيما بينها، ومن ثم قد تتفاوت المجتمعات -ولو كانت كلها إسلامية- في صورة ما تطبقه من تشريعات، وهنا ينبغي ألا يحمل الدين عبء هذه الفوارق الطبيعية الحتمية، بل أولى للجميع أن ينسبوا هذه الأحكام الاجتهادية لواقع العصر والبيئة، وأن يعترف المتخلف بأن الدين لم ينه عن صور التقدم الرائعة التي تطبق عند غيره، ولكنه سيصل إلى بلوغ هذه المرحلة بعد حين، وعلى المسلمين جميعًا أن يكونوا على وعي من أن اختيار جماعة لصورة من صور التطبيق، إنما يأتي نتيجة كونها قريبة لواقع المجتمع ميسورة التطبيق فيه، فمرجع الاختلاف كثيرًا ما يكون لأسباب فنية تطبيقية، لا لأسباب أصولية تشريعية" (١).

ولأن القضية شائكة فإن المؤلف يصوغ آراءه في مرونة ولين، وهو يعلم ما أثارته القضية من ضجيج. فتقييد الطلاق الذي ظهرت فكرته في كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين -كما يذكر الكاتب نفسه- لا يطالب به بذلك الجمود وقصور النظر الذي طالب به قاسم، بل يضيف إليه تعديلًا جديدًا وهو عبارة "التقييد بحسب الظروف" فيقول:

"والمهم أن الدين ليس فيه ما يمنع من تقييد الطلاق، وليس فيه في الوقت نفسه ما يحتم هذا التقييد بصورة معينة من الصور، وهذا مما تختلف فيه البيئات والعصور، وليس في اختيار شكل قانوني معين افتئاتًا على مرونة التشريع، فإننا نختار لأنفسنا وزماننا ونزيل القيد إذا انتفت دواعيه" (٢).

ويناقش قضية تعدد الزوجات بمثل هذه المرونة ويضع بين قوسين (بحسب الظروف) فيقول: "ونحن فيما نختار لأنفسنا إذا اخترنا لا نجمد الشريعة بحال بل إنما هو رأي يوافق جيلنا ومجتمعنا لا غير. . . وأنا لا أنتصر لدعاة التقييد (تقييد تعدد الزوجات) حين أقرر أن ليس في الشرع ما يمنع من هذا التقييد، إنما


(١) " Islam and Modernism" P.٢٢٢.
(٢) المصدر نفسه ص ٢٢٨.