للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمور الدين هي الملزمة وعلى المسلمين أن يستمسكوا بها، أما الأحاديث في أمور الدنيا فهي غير داخلة في مهمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا، بل كان ما جاء في هذا المجال فهو خاص بظروف العرب وحالتهم في زمان النبوة، وهي ليست ملزمة للمسلمين، ذلك لأن أمور الدين ثابتة، أما أمور الدنيا فمتغيرة، ويستدل على هذا التقسيم بحديث تأبير النخل الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" (١).

ويسخر سيد خان من أولئك الذين يظنون أن كل شيء قد اكتمل على أيدي الفقهاء الأقدمين، ويقول: مما لا شك فيه أنهم قد أحسنوا الصنيع، ولكن من المنافي للعقل كما يرى أن نتخيل أن أحكامهم التي توصلوا إليها في الظروف الخاصة بأيامهم صالحة أيضًا لعصرنا الحديث، وذلك لأن حاجات عصرنا -في رأيه- تختلف كلية عن حاجات عصرهم، فلهذا يدعو إلى أن نكف عن الولاء الأعمى لهم. إن أحكام هؤلاء الفقهاء لا تعدو أن تكون من صنع بشر معرضين للخطأ وهي صالحة لزمانهم، ولابد أن تعدل لتتكيف مع ظروفنا وحاجتنا الحاضرة. وفي حماس بالغ يقول:

"إننا أتباع الإسلام ولسنا أتباع زيد وعمرو! إن أحكام هؤلاء الفقهاء غير ملزمة لنا والأحكام الملزمة الوحيدة هي ما جاءت به النصوص (٢). ونعيد إلى الأذهان هنا موقفه السابق من النصوص! " وقد كان سيد خان حقًا جادًا في مخالفة الفقهاء السابقين، وفي فصل خاص في السيرة الضخمة التي كتبها عنه صديقه ألطاف حسين حالي، يحصي حالي إحدى وأربعين نقطة في آراء سيد خان لم يتمكن هو على الأقل من أن يجد لها تعضيدًا عند العلماء السابقين، كما يذكر حالي عشر نقاط لم يُروَ مثلها قط في تراث السلف (٣).

ولا يرفض سيد خان قبول آراء الفقهاء السابقين في صورتها الفردية فقط بل حتى ولو كانت هذه الآراء جماعية، فهو لا يعترف بتاتًا بالإجماع مصدرًا من مصادر التشريع الإسلامي. إن باب الاجتهاد في نظره مفتوح في كل المسائل ولا


(١) انظر: Dar, Pages ١١٣ - ١١٨ K ٢٤٦, Baljom, P ٩٥.
(٢) انظر: Dar, P.١١٩,٢٤٧ and Baljon, p.١٠٣.
(٣) " جوانب من التراث الهندي"، د. خليل- ص ١٦٢.