للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبأولى أشر لجمع مطلقا ... والمدّ أولى ...

يعنى أن لفظ أولى يشار به إلى الجمع مطلقا أى سواء كان مذكرا أو مؤنثا فتقول أولى الرجال وأولى النساء وقوله والمد أولى يعنى زيادة الهمزة بعد ألف مكسورة وإنما كان أولى لأنها لغة أهل الحجاز ولم يجئ فى القرآن إلا ممدودا كقوله تعالى: ها أَنْتُمْ أُولاءِ [آل عمران:

١١٩] ثم اعلم أن اسم الإشارة عند الجمهور على ثلاث مراتب قريبة ومتوسطة وبعيدة وعند الناظم على مرتبتين قريبة وبعيدة، وقد أشار إلى البعيدة بقوله:

... ولدى البعد انطقا ... بالكاف حرفا دون لام أو معه

واللّام إن قدّمت ها ممتنعه

يعنى أنك إذا أردت الإشارة إلى البعيد فأنت مخير بين أن تأتى باسم الإشارة مقرونا بكاف الخطاب دون لام فتقول ذاك وأولاك وبين أن تأتى به مقرونا بالكاف واللام معا فتقول ذلك وأولى لك وفهم منه أن القريب ما لا يقترن بالكاف وحدها ولا بالكاف واللام معا وهى المثل التى أتى بها أول الباب ولدى بمعنى عند وهو متعلق بانطقا وألف انطقا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وحرفا حال من الكاف وإنما نبه على ذلك لئلا يتوهم أن الكاف ضمير كما هى فى نحو غلامك ودون لام فى موضع نصب على الحال من الكاف وأو معه معطوف على دون فهو موضع الحال من الكاف أيضا وتقدير البيت انطق فى البعد بالكاف حرفا غير مقرون باللام أو مقرونا بها. ثم قال: (واللام إن قدمت ها ممتنعه) يعنى أنك إذا قدمت ها التى للتنبيه على اسم الإشارة يمتنع اقترانه باللام فلا يقال ها ذلك وفهم منه أنه يجوز اقتران «ها» بالمجرد نحو هذا وهؤلاء وبالمقرون بالكاف دون اللام نحو هذاك وهؤلائك إلا أن الأول أكثر وهى لغة القرآن، ومن الثانى قول طرفة:

- رأيت بنى غبراء لا ينكروننى ... ولا أهل هذاك الطراف الممدّد (١٤)


(١٤) البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٣١، وتخليص الشواهد ص ١٢٥، وجمهرة اللغة ص ٧٥٤، والجنى الدانى ص ٣٤٧، والدرر اللوامع ١/ ٢٣٦، ولسان العرب ٥/ ٥ (غبر)، ١٤/ ٩٢ (بنى)، والمقاصد النحوية ١/ ٤١٠، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٢١٤، وشرح الأشمونى ١/ ٦٥، وشرح ابن عقيل ص ٧٣، وهمع الهوامع ١/ ٧٦.
والشاهد فيه قوله: «هذاك» حيث جاءت «ها» التى للتنبيه مع اسم الإشارة المقترن بالكاف، وهذا قليل.

<<  <   >  >>