للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتزوجها، أم اتخذها أم ولد؟ قالوا: إن حجبها فهي امرأته، وان لم يحجبها فهي أم ولد، فلمَّا أراد أن يركب حجبها فقعدت على عجز البعير، فعرفوا أنه قد تزوَّجها (١).

ففي هذا: "إن لم يحجبها فهي أُم ولد"، يعنون أمة، فإنها لم تلد بعد، وبعيد أن يعنوا بذلك سَترَ وجهها، فإن الحرة والأمة في إبداء الوجه سواء، فإنما ذلك فيما زاد على الوجه؛ فقد دلَّ هذا على أنها تبدي إذا كانت أمة أكثر مما تبديه الحرة.

فالجواب أن نقول: هذا عين ما قلناه من أن الأمة فيما تبديه بخلاف الحرة، أي: إنها تبدي من نفسها أكثر [من] (٢) الحرة، وأما في النظر إليها كالحرة ليس ذلك في هذا الخبر، فإنهم لم يقولوا: إنهم نظروا منها إلى أكثر من الوجه، ولا ذكروا ذلك، والأظهر أن يكون قوله: "حجبها" إنما معناه: أنه ستر ركبتها حتى خلف (الحجاب) (٣)، فلما (استقرت) (٤) أرسل الحجاب، وإذا كان ذلك لم يكن منه اعتراض، وكفينا مؤونة الجواب.


(١) هذه رواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس عند مسلم، في كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها: ٩/ ٢٢٤؛ ورواه البخاري: من حديث إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: "أقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاثاً يبني عليه بصفية بنت حيي، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع فألقي فيها من التمر والأقط والسمن، فكانت وليمته، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟ فقالوا: إن حجبها فإنها من أمهات المؤمنين، وان لم يحجبها فهي ما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطى لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس"، باب اتخاذ السرايا ومَن أعتق جارية ثم تزوجها: ٩/ ١٦٩ (الفتح).
(٢) الظاهر سقوطها من الأصل، والسياق يقتضي زيادتها.
(٣) في الأصل: "حجاب"، والظاهر ما أثبت.
(٤) في الأصل: "استرت"، وهو تصحيف، والظاهر ما أثبت.

<<  <   >  >>