للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول أهل الموقف لنوحِ كما صحَّ في حديث الشفاعة: "وأنت أولُ رسول إلى أهل الأرض" (١)، فليس المراد به عمومَ بعثته، بل إثباتَ أولية إرساله.

وعلى تقدير أن يكون مرادًا، فهو مخصوص بتنصيصه -سبحانه وتعالى - في عدة آيات على أن إرسالَ نوح كان إلى قومه، ولم يذكر أنه أُرسل إلى غيرهم.

واستدل بعضهم لعموم بعثته: بكونه دعا على جميع أهل الأرض، فأُهلكوا بالغرق إلا أهلَ السفينة، ولولم يكن مبعوثًا إليهم، لما أُهلكوا؛ لقوله- تعالى-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقد ثبت أنه أول الرسل.

وأجيب: بجواز أن يكون غيرُه أُرسل إليهم في أثناء مدة نوح، وعلم نوح بأنهم لم يؤمنوا، فدعا على من لم يؤمنْ من قومه وغيرِهم، فَأجيب.

واستحسن هذا الجوابَ الحافظُ في "الفتح"، قال: لكن لم يُنقل أنه نبي زمن نوح غيره (٢).

ويحتمل: أن يكون معنى الخصوصية لنبينا - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: بقاءَ شريعته إلى يوم القيامة.

ونوحٌ وغيره بشَّر أن يبعث نبيٌّ في زمانه أو بعده فينسخُ بعض شريعته.


(١) رواه البخاري (٤٢٠٦)، كتاب: التفسير، باب: قول الله: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١]، ومسلم (١٩٣)، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>