للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدارقطني وغيره: "قولوا: التحيات" (١)، وهي جمع تحية، قال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: التحية: العظمة، وقال أبو عمرو: الملك، وقال ابن الأنباري: التحيات: السلام، وقال بعض أهل اللغة: البقاء، وحكى الأربعةَ موفقُ الدين في "المغني" (٢)، وحكاها في "المطلع"، وزاد: وقيل: السلامة من الآفات، قال أبو السعادات: وإنما جمع التحية؛ لأن ملوك الأرض يحيون بتحيات مختلفة؛ فيقال لبعضهم: أبيت اللعن، ولبعضهم: أنعمْ صباحًا، ولبعضهم: اسلمْ كثيرًا، ولبعضهم: ألف سنة، فقيل للمسلمين: قولوا: التحيات؛ أي: الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء هي (للَّه) -عز وجل- (٣).

وقال ابن القيم في كتابه "صفة صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، بعد ذكره بنحو ما تقدم؛ من كون من تقدم كان يحيي بعضهم بعضًا بأنواع من التحيات، مما يحييه المحيي من الأقوال والأفعال. قال: والمشركون كانوا يحيون أصنامهم، قال الحسن: كان أهل الجاهلية يتمسحون بأصنامهم، ويقولون: لك الحياة الدائمة، فلما جاء الإسلام، أمروا أن يجعلوا أطيب تلك التحابا وأزكاها وأفضلها للَّه تعالى.

فالتحيات: هي تحية من العبد للحي الذي لا يموت، وهو سبحانه أولى بتلك التحيات من كل ما سواه، فإنها تتضمن الحياة والبقاء والدوام،


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٨٠٠، ١١٤٤، ٦٩٤٦)، وعند النسائي برقم (١١٦٧، ١١٦٨، ١١٦٩، ١٢٧٧). ورواه الدارقطني في "سننه" (١/ ٣٥٠).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣١٩).
(٣) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٨٣)، وانظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>