للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ} من الزحزحة: وهي الإزالة والتنحية عن المقرِّ، وزحزح يستعمل متعدِّيًا كما هنا، ولازمًا، كقول الشاعرِ:

خَلِيْلَيَّ ما بَالُ الدُّجَى لا يُزَحْزَحُ ... وَمَا بالُ ضَوءِ الصُّبْحِ لا يتَوضَّحُ

والمعنى: بمنجيه من العذاب، وقيل: من بمعنى عن؛ أي: بمبعده عن العذاب، وتكرار الحروف يشابه تكرار العمل {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} والعدوُّ ضِدُّ الصديق، يستوي فيه المذكر والمؤنث، والواحد والمثنى والجميع، وأصله: عَدُوْوٌ بوزن فَعولٍ، أدغمت وَاوُ فَعول في لام الكلمة {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} نَبْذُ الشيءِ طَرَحُهُ وإلقاؤهُ، والفريق: العدد القليل، وأصل أوتوا: أؤتيوا مبنيًّا للمجهول، وفيه همزتان الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية حرف مدٍّ للأولى من جنس حركتها على حدِّ قول ابن مالك:

وَمَدًّا ابْدِل ثَانِيَ الهَمْزَيْنِ مِنْ ... كِلْمَةٍ إنْ يَسْكُنْ كَآثِرْ وائتُمِينْ

ثمّ استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فسكنت، فحذفت لالتقاء الساكنين {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} {اتبعوا} افتعلوا من الاتباع، أدغمت فاء الفعل في تاء الافتعال، فقيل: اتبعوا بعد أن استجلبت همزة الوصل، للتوصّل إلى النطق بالساكن {تَتْلُو} أصَلْهُ: تَتْلُوُ بوزن تَفعُلُ من تلا يتلو، كسما يسمو ناقصٌ واويٌّ، ولمَّا تطرفت الواو إثر ضمة سكنت، وجعلت حرف مدّ {بضارِّين} أَصْلُه: بضارِرِين، أدغمت الراء الأولى بعد تسكينها في الثانية {مَا يَضُرُّهُمْ} أصله: يَضْرُرْهم بوزن يفعل، نقلت حركة الراء الأولى إلى الضاد، فسكنت، فأُدغمت في الراء الثانية {هَارُوتَ وَمَارُوتَ} علمان أعجميان بدليل منع الصرف، ولو كانا من الهَرْتِ والمَرتِ؛ أي: الكُسْرِ كما زعَمَ بعضهم لانَصْرَفَا {بِبَابِلَ} وبابلُ مدينة قديمة مُنع من الصرف للعلمية والعجمة، وتقعُ أنْقاضُها على الفُراتِ قُرْبَ الحُلَّةِ شرقيَّ بغدادَ {هَارُوتَ وَمَارُوتَ} أصله: اشتَرَيَ بوزن افتَعَلَ، قُلبت الياءُ لامُ الفعل ألفًا؛ لتحركها بعد فتح، فهي مِنْ شرَاه يَشْرِيهِ إذا باعه، أو ملَكَه بشراءٍ، ودليلُ ذلك قولُه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} {مِنْ خَلَاقٍ} بالفتح بمعنى نصيب {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا} أصل: شروا كما تقدّم قريبًا شَرَيُوا، تحركت الياء وانفتح ما