وقال تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص: ١ - ٤]، وفي هذه الآيات تذكير للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأصول التي بعث من أجلها.
ومن اهتمام إبراهيم الخليل - عليه السلام - بالأصل الذي خُلق من أجله وبُعث بسببه خاف أن يقع بما ينافيه فقال كما ذكر الله تعالى عنه:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ...}[إبراهيم: ٣٥، ٣٦].
قال أبو جعفر بن جرير في تفسيره (١٣/ ١١٨): ومعنى ذلك: أبعدني وبنيّ من عبادة الأصنام ... وقوله:{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ}[إبراهيم: ٣٦] يقول: يا رب إن الأصنام أضللن، يقول: أزللن كثيرًا من الناس عن طريق الهدى وسبيل الحق حتى عبدوهن وكفروا بك. اهـ.
وأخرج عن ابن حميد، ثنا جرير، عن مغيرة قال: كان إبراهيم التيمي يقص ويقول في قصصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم حين يقول: ربي {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}[إبراهيم: ٣٥].
وإبراهيم - عليه السلام - هو الذي كسّر الأصنام بيده، وهو الذي أراد أن يذبح ابنه طاعة لربه تعالى، وغير ذلك من المقامات العظيمة، التي قامها تحقيقًا للتوحيد وقيامًا بواجب العبودية للرب عزَّ وجلَّ، ومع ذلك كله دعا ربه عزَّ وجلَّ أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام.