وغيرهما. وتحدث عنه شيخ الإسلام التاج السبكي فقال إنه "برع في الأدب نظماً ونثراً وكتابة وجمعاً، وعُني بالحديث، ولازم الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، وبه تمهّر في الأدب، وصنّف الكثير في التاريخ والأدب. قال لي إنه كتب أزيد من ستمئة مجلد تصنيفاً"(١).
* * *
أما هذه الرسالة التي نتكلم عنها فإنها في شرح بيتين من الشعر، شرحهما المؤلف شرحاً مستفيضاً، حلاّه بالنكات اللغوية والمسائل النحوية والطرائف الأدبية والآراء الفلسفية، وزيّنه بالحِكَم الباهرة والأمثال السائرة، واستشهد على كل مسألة من مسائله بأقوال العرب، ولكنه -وتلك ميّزة هذا الكتاب- تعمّد "أن لا يأتي إلاّ بما هو خطأ محرَّف عن أصله، مَعدول به عن جادّة الصواب، مُمَال به عن سبيل الحق: فلا بيتَ يُنسَب إلى صاحبه، ولا كتابَ يُعزى إلى مؤلّفه، ولا مسألةَ تُوردَ على وجهها، ولا بلدةَ توضع في موضعها ... "، وقد أورد ذلك كله بحذق ومهارة ولباقة وظرف، حتى إن الرجل ليتلوه فيحس -لحلاوة ما يقرأ- أنه لا يقرأ إلا حقاً وصدقاً، وما فيه من الحق والصدق شيء!
ولا يقدر على الخطأ الذي لا صوابَ فيه إلا من يقدر على الصواب لا خطأ معه؛ يحتاج كلاهما إلى علم بمواقف الخطأ ووجوه الصواب، وانتباه وفطنة واطّلاع ومعرفة، كيلا يخلط خطأ بصواب أو صواباً بخطأ. والرسالة -على ما فيها من الهَزْل