في الألفاظ جِن يَرَون ولكن لا يراهم أحد؟ وما نفع هذه الحكاية التي لا أصل لها؟ وإذا كان كل المقصود أن ننطق بالفعل المضارع منصوباً إن سبقته هذه الأدوات، سواء أكانت هي بذاتها الناصبة أم كان الناصب «أنْ» هذه التي لم يبصرها أحد، ما الفرق؟ ولماذا نتعب أنفسنا بالاشتغال بهذا العبث؟ هل هو تحقيق في قضية نصب لئلا تُقيَّد الجريمة ضد مجهول؟
ومسألة أعجب: هل توضع القواعد النحوية وفق ما نطقت به العرب، نستمدها منه ونعتمد فيها عليه، أم أن القاعدة تصير حجة على أصحاب اللغة؟
فمن أين جئتم بهذه القاعدة، وهي أن كلمة «إذا» لا تدخل على الاسم، وأنها لا تدخل إلا على فعل؟ فإذا قرأنا قوله تعالى:{إذا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وقوله: {إذا السَّمَاءُ انْفَطَرتْ} وقرأنا قول لبيد: «إذا القومُ قالوا مَن فَتَىً خِلتُ أنني ...» وأبياتاً مثلها لا يبلغ العد حصرها، قلنا: إن السماء فاعل لفعل محذوف يفسّره المذكور، وتقديره: إذا انشقت السماء انشقت.
ما هذا الهذيان؟ وهل سمعتم عربياً عاقلاً يقول هذا الكلام؟ ولماذا لا نعلم التلاميذ أن «السماء» في قوله تعالى: {إذا السّمَاءُ انْشَقَّت} مبتدأ مثل كل اسم مرفوع يبدأ به الكلام؟
* * *
إن غاية النحو إقامة اللسان والبعد عن اللحن، فإذا قال قائل:«أعطِني حقّي» فقد نطق بالصواب، فإذا زاد فعرف أن