وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ جَائِزٌ حَلَالٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لِبَاسُهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الرِّجَالِ لَهُ فِي غَيْرِ اللِّبَاسِ كَالْبَسْطِ وَالِارْتِفَاقِ وَشَبَهِهِ
وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِلرِّجَالِ لِبَاسَ مَا فِيهِ الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ الْأُصْبُعُ وَالْأُصْبُعَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الْحَرِيرِ وَقَالَ لَا تَلْبَسُوا مِنْهُ إِلَّا كَذَا أَوْ كَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى
وَبَعْضُ رُوَاتِهِ يقول فيه وأشار بالسبابة والإبهام
قالوا فَعَلِمْنَا أَنَّهَا الْأَعْلَامُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّمْهِيدِ
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُرَخِّصُ فِي الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ
وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَأَنْكَرَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَحْرِيمَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ قَالَ رأيت بن عمر اشترى عمامة لها علم فدعا بالجلمين فَقَصَّهُ فَدَخَلَتْ عَلِيَّ أَسْمَاءُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ بُؤْسًا لِعَبْدِ اللَّهِ يَا جَارِيَةُ هَاتِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْ بِجُبَّةٍ مَكْفُوفَةِ الْكُمَّيْنِ وَالْجَيْبِ وَالْفُرَجِ بِالدِّيبَاجِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ تِلْكَ الْجُبَّةَ فِي الْحَرْبِ وَرُبَّمَا لَبِسَهَا لِلْعَدُوِّ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً مُزَرَّرَةً بِالدِّيبَاجِ فَقَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ هَذِهِ إذ لَقِيَ الْعَدُوَّ
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ إِذَا كَانَ جُبَّةً أَوْ سِلَاحًا