وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ رَجْمٍ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ رَجْمٍّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَلَاةِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عُقُوبَةً لَهُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِنَفْسِهِ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي مَاتَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَنَظَرُوا فِي مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ قَالُوا فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِمَا كَانَ بِهِ مُطَالَبٌ مِنَ الْغُلُولِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالُوا فَكَذَلِكَ الَّذِي يَقْتُلُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهَا إِلَّا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْهَا وَعَلَى هذا حمل أهل العلم حديث سماك ابن حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا تُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي الْبُغَاةِ وَحْدَهُمْ فَقَالُوا لَا نُصَلِّي عَلَيْهِمْ لِأَنَّ عَلَيْنَا مُنَابَذَتَهُمْ وَاجْتِنَابَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ قَالُوا وَبَعْدَ الْمَوْتِ أَحْرَى لِوُقُوعِ الْيَأْسِ مِنْ تَوْبَتِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute