للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سأله عن طلاق المرأة في الحيض: إن كنت طلقت واحدة أو اثنتين، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني بذلك، يعني بارتجاع المرأة، وإن كنت طلقتها ثلاثا، فقد عصيت ربك، وبانت منك امرأتك.

وفي رواية أبي الزبير زيادة أخرى، لم يتايع عليها، وهو قوله: ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق:١]، ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن ابن عمر، وإنما رَوَى عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أنه كان يتلو هذه الآية عند روايته للحديث، وهذا هو الصحيح.

وقد كان طوائف من الناس يعتقدون أن طلاق ابن عمر كان ثلاثًا، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما رَدّها عليه؛ لأنه لم يوقع الطلاق في الحيض، وقد روى ذلك عن أبي الزبير أيضا، من رواية معاوية بن عمار الدُّهْنِيّ عنه، فلعل أبا الزبير اعتقد هذا حقّا، فروى تلك اللفظة بالمعنى الذي فهمه.

ورَوَى ابنُ لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير، فقال عن جابر: إن ابن عمر طلق امرأته، وهي حائض، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليراجعها، فإنها امرأته"، وأخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد، وتفرد بقوله: "فإنها امرأته"، وهي لا تدُلُّ على عدم وقوع الطلاق، إلا على تقدير أن يكون ثلاثًا، فقد اختُلِفَ في هذا الحديث على أبي الزبير، وأصحابُ ابن عمر الثقاتُ الحفاظُ العارفون به الملازمون له لم يُختَلف عليهم فيه.

فرَوَى أيوب عن ابن سيرين قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهمهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا، وهي حائض، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث، حتى لقيت أبا غلاب، يونسَ بنَ جبير، وكان ذا ثَبْتٍ، فحدثني أنه سأل ابن عمر، فحدثه أنه طلقها واحدة. أخرجه مسلم (١). وفي رواية قال ابن سيرين: فجعلت لا أعرف للحديث وجهًا، ولا أفهمه.

وهذا يدل على أنه كان قد شاع بين الثقات، من غير أهل الفقه والعلم، أن طلاق


(١) "صحيح مسلم" ٥/ ٣١٩ - ٣٢٠ بشرح النوويّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>