للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمراد أن ذلك الأمر واجب الردّ، فيجب على الناس ردّه، ولا يجوز لأحد اتّباعه، والتقليد فيه. وقيل: ضمير "فهو" يعود إلى "من": أي فذلك الشخص مرود مطرود عن جملة أهل السنّة والجماعة، فيكون من الفرق الضالّة التي تفترق إليها هذه الأمة، كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه المصنّف في "كتاب الفتن"، كما سيأتي برقم (٣٩٨٢) بإسناد صحيح، عن عوف بن مالك -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقنّ أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار"، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: "الجماعة". (١).

وقال الطيبيّ في "الكاشف" قوله: "من أحدث في أمرنا": الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل، مجاز في الفعل، والشأنِ، والطريقِ، وأُطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه، أو شأنه الذي يتعلّق به، وهو مهتمّ بشأنه، بحيث لا يخلو عن شيء من أقواله وأفعاله.

والمعنى أن من أحدث في الإسلام رأيًا لم يكن له من الكتاب والسنة سند ظاهر، أو خفيّ، ملفوظ، أو مستنبطٌ، فهو مرود عليه. قال: روى محيي السنّة عن يحيى بن سعيد، سمعت أبا عبيد رحمه الله تعالى يقول: جمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جميع أمر الآخرة في كلمة: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه، فهو رد"، وجميع أمر الدنيا في كلمة: "إنما الأعمال بالنيّات". انتهى. (٢).


(١) رواه المصنف في "كتاب الفتن" برقم ٣٩٩٢ وفي سنده عباد بن يوسف، روى عن جماعة، ووثّقه ابن حبان، وغيره، راجع "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٨٥. وراجع "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألباني رحمه الله تعالى ٣/ ٤٨٠ رقم ١٤٩٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٦٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>