للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يقطعه (قَالَ) سفيان (أَوْ) للشكّ (زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) يعني أن سفيان شكّ فيمن حدّثه بهذا الحديث، هل هو سالم أبو النضر، أو زيد بن أسلم، وهذا الشكّ لا يضرّ بصحّة الحديث؛ لأن كلّا منهما ثقة، كما سيأتي تحقيقه في السائل، إن شاء الله تعالى (عَنْ عُبَيْدِ الله بْن أَبِي رَافِع، عَنْ أَبِيهِ) أبي رافع مولى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- و -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا) ناهيةَ (أُلْفِيَنَّ) -بضمّ الهمزة، بصيغة المتكلّم المؤكَّد بالنون الثقيلة، منَ ألفَيتُ الشيءَ: إذا وجدته، والظاهر أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى نفسه عن أن يَجِدهم على هذه الحالة، والمراد به نهيهم عن أن يكونوا على هذه الحالة، فإنهم إذا كانوا عليها يجدهم -صلى الله عليه وسلم- عليها. قاله السنديّ.

وقال الطيبيّ: هو كقولك: لا أَرَيَنَّك ههنا، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه عن أن يجدهم على هذه الحالة، والمراد نهيهم عن أن يكونوا على تلك الحالة، فإنهم إذا كانوا عليها وجدهم -صلى الله عليه وسلم- كذلك، فهو من باب إطلاق السبّب على السبب، ومن الإيمائية. (١).

(أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ) أي سريره المزَيَّنِ في قُبّة، أو بيت، فإذا لم يكن فيه سرير، فهو حَجَلَة. وأراد بهذه الصفّة أصحاب الترفّه والدَّعَة الذين لزموا البيوت، وصُدّوا عن طلب العلم والحديث. ويحتمل أن يريد بهذا الوصف التكبّر والسلطنة. (٢)

(يَأْتِيهِ الْأَمْرُ) زاد في رواية: "من أمري". والجملة في محلّ نصب على الحال، و"الأمر" بمعنى الشأن، فيعُمّ الأمر والنهي، فيوافق البيان بقوله (مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ) و"أمرت"، و"نهيت" بالبناء للفاعل (فَيَقُولُ) ذلك الأحد؛ إعراضًا عن ذلك الأمر (لَا أَدْرِي) هذا الأمر، أو لا أدري غير القرآن، ولا أتبع غيره. وقوله: (مَا وَجَدْنَا في كِتَابِ الله اتَّبَعْنَاهُ) "ما" موصولة مبتدأ، خبره جملة "اتّبعناه": أي وليس هذا منه، فلا نتّبعه. ويَحتمل أن تكون "ما" نافية، والجملة كالتأكيد لقوله: "لا أدري"، وجملة "اتّبعناه" حالٌ: أي وقد اتّبعنا كتاب الله، فلا نتّبع غيره (٣).


(١) "الكاشف عن السنن" ٢/ ٦٢٨ - ٦٢٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) "شرح السنديّ" ١/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>