للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كلام القرطبيّ (١)، وهو كلامٌ نفيس.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة ومن أقوال أهل السنّة والجماعة أن رؤية المؤمنين لربّهم ثابتةٌ، لا شكّ فيها، ولا يُلتفَت إلى ما أبداه أهل الضلال من الجهميّة وغيرهم من الشُّبّه والخيالات الفاسدة، فإنها من تلبيسات الشيطان، وإغوائه، نسأل الله تعالى أن يعافينا من ذلك، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨].

قال الإمام أبو عيسى الترمذيّ رحمه الله في جامعه بعد إخراج حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الآتي من طريق العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عنه: ما نصّه:

هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوي عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- رواياتٌ كثيرةٌ مثلُ هذا ما يُذكَر فيه أمرُ الرؤية أن النَّاس يرون ربهم، وذِكرُ القدم، وما أشبه هذه الأشياء، والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة، مثل سفيان الثّوريّ، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع، وغيرهم، أنهم رَوَوْا هذه الأشياء.

ثمّ قالوا: تُرْوَى هذه الأحاديث، ويُؤمَنُ بها، ولا يقال: كيف، وهذا الّذي اختاره أهل الحديث، أن تُرْوَى هذه الأشياءُ كما جاءت، ويُؤمَنَ بها، ولا تُفَسَّر، ولا تُتَوَهَّم، ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الّذي اختاروه، وذهبوا إليه، ومعنى قوله في الحديث: "فَيُعَرِّفُهُم نَفسَه" يعني يتجلى لهم. انتهى كلام الترمذيّ رحمه الله، وهو تحقيق نفيسٌ، وبحثٌ أنيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) راجع "الفتح" ١٣/ ٥٢٢ - ٥٢٥ "كتاب التّوحيد" الحديث (٧٤٣٤ - ٧٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>