(٢) صنف الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى كتابًا في "اختلاف الحديث" وهو أول كتاب من نوعه، وبيّن فيه عدم وجود اختلاف حقيقي بين الأحاديث، وعرض ما ظاهره الاختلاف وجمع بينها، ثم عرض في كتابه الرسالة نماذج كثيرة منها، وكشف الغطاء عن ذلك فقال: "ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول القول عامًّا يُريد به العام، وعامًّا يريد به الخاص، ويُسأل عن الشيء فيجيب على قدر المسألة، ويؤدي عنه المخبر الخبر مبعّضًا، والخبر مختصرًا، والخبر يأتي ببعض معناه دون بعض، ويحدّث الرجل عنه الحديث قد أدرك جوابه، ولم يدرك المسألة على حقيقة الجواب لمعرفة السبب الذي يخرج عليه الجواب، ويَسنّ في الشيء سنة وفيما يخالفه أخرى، فلا يخلص بعض السامعين من اختلاف الحالتين اللتين سنَّ فيهما، ويسن سنة في نص معناه، فيحفظهما حافظ آخر في معنى، يخالفه في معنى، ويجامعه في معنى سنه غيرها لاختلاف الحالين، فيحفظ غيره تلك السنة، فإذا أدى كل ما حفظ رآه بعض السامعين اختلافًا، وليس فيه شيء، ويسن بلفظ، مخرجه عام، جملة بتحريم شيء أو تحليله، وليس في غيره خلاف الجملة، فيستدل على أنه لم يُرد بما حرم ما أحل، ولا بما أحل ما حرّم" ثم قال: "ولم نجد عنه شيئًا مختلفًا فكشفناه إلا وجدنا له وجهًا يحتمل به ألا يكون مختلفًا، وأن يكون داخلًا في الوجوه التي وصفت" ثم قال: "ولم نجد مختلفين إلا ولهما مخرج، أو على =