للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه دعوى باطلة، وحذّر العلماء منها؛ لأنها سبيل لإلغاء الأحكام الثابتة بالنصوص، أو الزيادة عليها، أو فتح للتهرب من الشريعة والزيادة عليها (١).

قال الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى: "على العالم ألا يقول إلا من جهة العلم، وجهةُ العلم: الخبر اللازم بالقياس بالدلائل على الصواب، حتى لا يكون صاحب العلم أبدًا متبعًا خبرًا وطالب خبر بالقياس، كما يكون متَّبع البيت بالعيان، وطالب قصده بالاستدلال بالأعلام مجتهدًا، ولو قال بلا خبر لازم ولا قياس، كان أقرب من الإثم من الذي قال وهو غير عالم، وكان القول لغير أهل العلم لازمًا".

ثم قال: "ولم يجعل اللَّه لأحد بعد رسول اللَّه أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله، وجهة العلم بَعْدُ الكتابُ والسنة والإجماع والآثار، وما وصفتُ من القياس عليها، ولا يقيس إلا من جمع الآلة التي له القياس بها، وهي العلم بأحكام كتاب اللَّه ... " (٢).

ونقل الزركشي عن القفال رحمهما اللَّه تعالى قوله: "ولو ثبتت العلوم بالإلهام، لم يكن للنظر معنى، ولم يكن في شيء من العالم دلالة ولا عبرة" (٣).

وقد يكون الإلهام مجرد إيحاء للقيام بعمل أو الامتناع عنه، وهذا لا غبار عليه، ويتقيد بقول بعض الصوفية: "ما وقع في القلب من عمل الخير فهو إلهام، أو الشر فهو وسواس"، فهنا يعلم الشخص الخير أو الشر من المصادر والأدلة، ثم يقع الخاطر في القلب بفعل الخير، فهذا إلهام محمود، وإن وقع بفعل الشر فهو من الشيطان، والوسواس، وهو حرام (٤).


(١) الفصول في الأصول (٣/ ٣٨٢).
(٢) الرسالة ص ٢٥٧ - ٢٥٨ فقرة ١٤٦٦ - ١٤٦٩ تحقيق الدكتور عبد الفتاح كبارة، طبع دار النفائس، بيروت - (١٤١٩ هـ ١٩٩٩ م).
(٣) البحر المحيط (٦/ ١٠٣).
(٤) البحر المحيط (٦/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>