قال ابن عصفور: ولو قلت أعطيت ما أراد زيداً جاز عند البصريين إلا عند من منع منهم أعطيت درهمه زيداً، وما أراد أعطيت زيداً جائزة عند جميع البصريين، ولا تجوز هذه والتي قبلها عند الكوفيين؛ لأن الضمير ضمير رفع.
وقوله وتقديم ما لا يجر على ما قد يجر قال المصنف في الشرح:((فلذلك يقال: اخترت قومه عمراً، ولا يقال: اخترت أحدهم القوم، إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيداً)) انتهى. يعني أن قومه هو الذي أصله أن يدخل عليه حرف الجر، وقد اتصل به ضمير المفعول الأول، وهو عمرو، والنية به التأخير، فكأنه قال: اخترت عمراً قومه، أي: من قومه. وأما المسألة الثانية ففي المفعول الأول ضمير يعود على المفعول الثاني الذي هو يدخل عليه حرف الجر، وقد وقع المفعول الأول موقعه من الرتبة، فتقدم المفسر، وهو الضمير، على المفسر، وهو القوم؛ إذ أصله: اخترت من القوم أحدهم، فإذا قدمت أحدهم تقدم لفظاً ورتبة، فلا يفسر الضمير ما بعده، وصار نظير: ضرب غلامه زيداً، وهو لا يجوز عند الأكثرين.
وقول المصنف على ما قد يجر يشعر أنه ليس مجروراً في الحال، ولو كان مجروراً فالحكم كذلك، لو قلت اخترت من قومه عمراً جاز، ولا يجوز: اخترت أحدهم من القوم، إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيداً، وهذه المسألة فيها خلاف، فإذا قلت لبست ألينها من الثياب، وأخذت درهمه من زيد، وأنت تريد: لبست من الثياب ألينها، وأخذت من زيد درهمه- فذهب الكوفيون قاطبة إلى أن ذلك لا يجوز، قالا: إذا كان المكني من مخفوض، والمخفوض في غير تأويل المنصوب- لم يجز لمكنيه أن يتقدم عليه، ولذلك امتنع: دارها يسكن غلام هند،