وأما أبو علي فتأول قولهم" ليس الطيب إلا المسك" وذلك أنه لم يبلغه- والله أعلم- نقل أبي عمرو ذلك أنها لغة تميم, وزعم أنه يحتمل وجوهاً:
أحدها أن يكون في "لبس" ضمير الأمر والشأن والطيب مبتدأ والمسك خبره, وقال مثله السيرافي.
فألزم أبو علي أنه لو كان كذلك للزم دخول إلا على الجملة من المبتدأ والخبر التي هي خبر لضمير الأمر لا على جزئها الثاني, فكان يكون التركيب, ليس إلا الطيب المسك, كما تقول: ليس كلامي إلا زيد منطلق, كما قال الشاعر:
ألا ليس إلا ما قضى الله كائن وما يستطيع المرء نفعاً ولا ضراً
فأجاب أبو علي عن هذا الإلزام بأن"إلا" كان أصلها أن تدخل على الجملة, لكنها دخلت في غير موضعها. ونظير دخول"إلا" في غير موضعها قوله تعالى: {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً} وقول الشاعر:
أحل به الشيب أثقاله ... وما اغتره الشيب إلا اغترارا
فهذا لو حمل على ظاهره كان فاسداً لأنه معلوم أنه لا يظن غير الظن, ولا يغتر الشيب إلا اغتراراً والمعنى: إن نحن إلا الظن ظناً, ما اغتره إلا الشيب اغتراراً.
وهذا لا حجة فيه على أن "إلا" دخلت في غير موضعها لأن ذلك لم