مَهَرة، ورجالٌ دأبوا على مناهضة الجهل ونشر العلم والقضَاء على الظلم وإقامة العدل. ومن أبرز عناصر هذه الطائفة الراشدة علماء وأدباء وساسة ومفكرون، منهم من تقدم بقليلٍ مولدَ صاحبِ المقاصد، ومنهم من عاصره ممن كان له الأثر المباشر في حسن تنشئته وكمال تكوينه.
ولعل من المفيد أن نُعرّف بهذه الثلة المتميّزة ليكون ذلك تمهيداً وتوطئة لترجمة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الثاني. فقد احتك بدون شك بمناهجها الإصلاحية، واستوعب أذواقها وآدابها الاجتماعية، وتأثر بتياراتها العلمية والفكرية. وهي بحسب الواقع والظاهر متجانسة العناصر، متكاملة المزايا والمفاخر، يمكن تقديمها وتصنيفها باعتبار مميزاتها وخصائصها وآثارها في الحياة العامة إلى مدرستين؛ الأولى: سياسية إصلاحية، والثانية: علمية فكرية. وعماد المدرسة الأولى خير الدين باشا وأنصاره من أمثال الوزير المؤرخ ابن أبي الضياف، والشاعر المبدع قابادو، والعالم الذائع الصيت بوحاجب. وتضم الثانية جدَّي مترجمنا العلامة محمد الطاهر ابن عاشور الأول، والوزير العالم محمد العزيز بوعتور، والشيخ سالم بو حاجب.