للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول جل وعلا: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (١).

وفي السُّنة بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصرّفات ولاةِ الأمور في شؤون الرعية وغيرها، ومتى اهتم ولاة الأمور وعموم الأمة باتباع ما أوضحه الشرع لهم بلغوا المقصد الأسنى من وعد الله لهم بالاستخلاف في الأرض. وهذه التكاليف التي جعلها الله قواماً لصلاح أمور الأمة، ووعد عليها بإعطاء الخلافة والتمكين والأمن، صارت بترتيب الموعدة عليها أسباباً لها (٢).

وذهب الأئمة إلى أن شرائع الدين لا تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وأن مقصد الشريعة يتمثّل في غرضين: الأول منهما ما فيه صلاح المجتمع الإنساني عاجلاً أو آجلاً.

والبراهين على هذا كثيرة. فالقرآن والسُّنة مملوءان بتعليل الأحكام بالحِكم والمصالح والمنافع، التي لأجلها شرع الله تلك الأحكام. يظهر من هذا وبالاستقراء أن الشريعة معلَّلة بالحِكم والمصالح.

والغرض الثاني، هو حاجةُ الفقيه إلى معرفة المقاصد. وقد ذكر المؤلف لهذا خمسة أنحاء تختلف وتتغيّر بحسب تصرّفات الفقهاء في اجتهاداتهم. ويكاد يسيطر هذا الغرض على كامل كتاب المقاصد، إذ هو حجر الزاوية والمنتهى إليه في كل الجزئيات التي سوف نقف عليها عند تعرضنا لأبوابه وفصوله.


(١) سورة محمد، الآية: ٢٢.
(٢) التحرير والتنوير: ١٨/ ٢٨٣ - ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>