للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليقل: فتاي وفتاتي، والنهي عن أن يقول العبد لمالكه: سيدي وربِّي. وليقل: مولاي" (١).

فمن استقراء هاته التصرّفات ونحوها حَصَلَ لنا العلم بأن الشريعة قاصدة بثَّ الحرية بالمعنى الأول.

وأما المعنى الثاني فله مظاهرُ كثيرة هي من مقاصد الإِسلام. وهذه المظاهر تتعلق بأصول الناس في معتقداتهم وأقوالهم وأعمالهم. وبجمعها أن يكون الداخلون تحت حكم الحكومة الإِسلامية متصرفين في أحوالهم التي يخوّلهم الشرعُ التصرف فيها غيرَ وجلين ولا خائفين أحداً. ولكل ذلك قوانين وحدود حدّدتها الشريعة لا يستطيع أحد أن يحملهم على غيرها. ولذلك شدّد اللهُ النكيرَ والتقبيح على قوم أشارت إليهم آية: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، فشمل قولُه: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} تحريمَ المباحات الذي صُدِّرت الآية بالاستفهام عنه استفهام إنكار.


(١) انظر ٤٩ كتاب العتق، ١٧ باب كراهية التطاول على الرقيق، ح ٣. خَ: ٣/ ١٢٤؛ انظر ٤٠ كتاب الألفاظ، ٣ باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، ح ١٣، ١٤، ١٥. مَ: ٢/ ١٧٦٤، ١٧٦٥؛ انظر ٣٥ كتاب الأدب، ٨٣ باب لا يقول المملوك ربي وربتي، ٤٩٧٥، ٤٩٧٦. دَ: ٥/ ٢٥٦، ٢٥٧؛ حَم: ٢/ ٣١٦، ٣١٩، ٤٢٣، ٤٦٣، ٤٨٤، ٤٩١، ٥٠٨.
(٢) الأعراف: ٣٢، ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>