للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختياري وهو بيعُ المرءِ نفسَه، أو بيعُ كبير العائلة بعضَ أبنائها. وقد كان ذلك شائعاً في الشرائع. وأبطل الاسترقاق لأجل الجناية بأن يحكم على الجاني ببقائه عبداً للمجني عليه. وقد حكى القرآن عن حالة مصر: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} (١)، ثم قال: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} (٢).

وأبطل الاسترقاق في الدَّين الذي كان شرعاً للرومان، وكان أيضاً من شريعة سُولون (٣) في اليونان من قبل. وأبطل الاسترقاق في الفتن والحروب الداخلية الواقعة بين المسلمين. وأبطل استرقاق السائبة كما استرقّت السيارة يوسفَ إذ وجدوه.

ثم إن الإِسلام التفت إلى علاج الرق الموجود والذي يوجد، بروافع ترفع ضرر الرق. وذلك بتقليله بتكثير أسباب رفعه، وبتخفيف آثار حالته. وذلك بتعديل تصرف المالكين في عبيدهم الذي كان غالبه معنتاً.

فمن الأول، وهو تكثير أسباب رفعه: جعل بعض مصارف الزكاة في شراء العبيد وعتقهم بنص قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} (٤)،


(١) يوسف: ٧٥.
(٢) يوسف: ٧٦.
(٣) أحد الحكماء السبعة باليونان ٦٤٠ - ٥٥٨ ق م. كان رجل دولة. عرف بإصلاحاته الاجتماعية والسياسية التي كانت منطلق نهضة أثينا كما أنه واضع أسس الديمقراطية بها.
(٤) أحد المصارف الثمانية المنصوص عليها في قوله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>