للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مثل الضر الذي يحصل من خطبة المسلم على خطبة أخيه، ومن سومه على سومه، الواقع النهيُ عنهما في حديث الموطأ عن أبي هريرة (١). فإن ما يحصل من ذلك عند مجرد الخِطبة والتساوم قبل المراكنة والتقارب ضررٌ مضطرب، لا ينضبط ولا تجده سائر النفوس. فلو عملنا بظاهر الحديث لكانت المرأة إذا خطبها خاطب ولم تتم خطبته، والسلعةُ إذا سامها مساوم ولم يُرض السومُ ربَّها، أن يحظر على الرجال خطبة تلك المرأة وسوم تلك السلعة. ففي هذا فساد للمرأة، ولصاحب السلعة، وفساد يدخل على الناس الراغبين في تحصل ذلك.

فلذلك قال مالك في الموطأ بعد أن ذكر حديث الخطبة: "وتفسير قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما نَرى، والله أعلم، [لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه] أن يخطب الرجل المرأة، فتَركنَ إليه، ويتفقان على صداق [واحد معلوم] وقد تراضيا، [فهي تشرط عليه لنفسها]. فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يَعن بذلك إذا خطب الرجل المرأةَ فلم يوافقها أمرُه، ولم تَركن إليه، أن لا يخطبها أحد. فهذا بابُ فسادٍ يدخل على الناس" (٢).

وقال في باب ما ينهى عنه من المساومة بعد أن ذكر حديث ابن عمر وأبي هريرة: "ولا يَبعْ بعضكم على بيع بعض" (٣). وتفسير


(١) تقدم ٢٦/ ٢، ٥٨/ ١ - ٢.
(٢) تقدم في ٢٦/ ٢ - ٢٧/ ١.
(٣) انظر ٣١ كتاب البيوع، ٤٥ باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة، ح ٩٦. ونصّه كاملاً: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تلَقّوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لبادٍ، ولا تصروا الإبل والغنم. فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظر من بعد أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>