وفي حديث رافع بن خديج: "فتركوه فنفضت" أو "فنقصت". وتمامه: "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر". انظر ٤٣ كتاب الفضائل، ٣٨ باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً، ح ١٤٠. مَ: ٢/ ١٨٣٥. وفي ح ١٤١ بعده من حديث عائشة وأنس: "فخرج شيصاً". وفي آخره: "أنتم أعلم بأمر دنياكم". مَ: ٢/ ١٨٣٦. وورد أيضاً بصيغة أخرى في رواية طلحة ١٣٩ من الباب: "ما يصنع هؤلاء (أي بالنخل)؟ " فقالوا: يلقّحونه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أظن يغني ذلك شيئاً". قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً. فلا تؤاخذوني بالظن. ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به فإني لن أكذب على الله". وهذه الأحاديث الثلاثة تدل على أن إشارته بترك التأبير لم تكن سوى مجرد ظن منه. فهو ليس خبيراً بالزراعة وأحوالها، لأنه نشأ بمكة بواد غير ذي زرع. وقد جاء هذا التأويل صريحاً في الرواية الثانية التي أثبتها المؤلف هنا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا بزارع ولا بصاحب نخل، لقّحوا". انظر ابن رشد. البيان والتحصيل: ١٧/ ٢٣٦ - ٢٣٧. وإن وجوب امتثال أمره كما ذكره النووي لا يكون إلا فيما قاله شرعاً، دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي. شرح مسلم: ١٥/ ١١٦ - ١١٨. وقد اتخذ كثير من أصحاب الأهواء والضلال هذه الأحاديث، وبخاصة ما ورد في حديث عائشة وأنس من قوله: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" تكأة لإقصاء السنة عن مجالات الحياة الدنيا، وإبطال ما ثبت عن طريقها من تشاريع اقتصادية وأحكام معاملات ونظم ومناهج اجتماعية أو سياسية، مما استوجب تعليق أحمد محمد شاكر على هذا بقوله: هذا الحديث مما =