إلى التفكير في طلب المعالجة الشرعية لها بالاجتهاد فيها اجتهاداً يضطلع به العلماء من أهل النظر السديد في فقه الشريعة، العارفين بمقاصدها، ممن لهم خبرة بمواضع حاجة الأمة ومقدرة على حل مشاكلها حلاً شرعياً، ونادى بتكوين مجمع تَصدُر الفتوى فيه عن وفاق، تعلم أقطار الإسلام بمقرراته، ويتعين على الأمة العمل بها.
وبالفراغ من القسم الثاني المتعلق ببحث المقاصد العامة وضع الإمام القسم الثالث من كتابه. وإنّ أبرز ما دعا إلى الاهتمام به في هذا القسم قضايا ثلاثة:
١ - المعاملات المالية في الإسلام وما ترتبط به من مقاصد، وما يتعلق بها من حقائق التملك والتكسب ومقاصد التبرعات، وما يمكن أن يلحق بها من المعاملات المنعقدة على عمل الأبدان.
٢ - مقاصد أحكام العائلة.
٣ - مقاصد الشريعة ذات الصلة:
أ - بالنظر في أحكام القضاء والشهادة.
ب - بتعيين الحقوق لأنواع مستحقيها.
ج - ببيان القصد من العقوبات.
وتمهيداً لدراسة هذه الموضوعات يعود المؤلف إلى التفريق بين المقاصد والوسائل. فالمقاصد هي المتحملة للمصالح، والمفاسد في أنفسها. والوسائل هي الأحكام التي شرعت لأن بها تحصيل أحكام أخرى، فهي غير مقصودة لذاتها بل لتحصيل غيرها على الوجه المطلوب الأكمل. والوسائل هي التي تترتب عليها المقاصد، وترتيب الوسائل يكون بترتيب المصالح والمفاسد. وهكذا يكون ترتيب الأحكام المنوطة بتصرفات الناس في معاملاتهم الصالحة والفاسدة،