للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليحصبي السّدري (٩٠)، ولي القضاء لإبراهيم إبن الأغلب فاشتهر بالقاضي، وكان كاتبه أيام قضائه محمّد بن الفرج (٩١) بن البنّاء البغدادي الفقيه، قال أبو بكر المالكي (٩٢):

أودعه عيسى بن مسكين ودائع ثمّ طرأت شدّة عظيمة، فقيل لعيسى بن مسكين:

ذهبت / ودائع النّاس عند إبن البناء قال: ولم (٩٣)؟ قيل: رأيناه يقطع الميتة، فوجّه إليه عيسى في إحضارها فأحضرها فقال له عيسى إبن مسكين: تأكل الميتة وهذه عندك، قال: نعم لأنّ الميتة حلّت لي مع (٩٤) الإضطرار ولم يحل لي أن أخون أمانتي، فقال له:

أرجع بها، فقال: والله لا رجعت لي، وامتنع من قبولها.

وكان مشهورا بالصّلاح، وعظّمه الصّالحون، بل حتّى الشّيعة يعترفون بفضله.

ذكر في معالم الإيمان أنّ المنصور إبن الظّاهر العبيدي لمّا سار إلى السّاحل ومرّ بقرية عيسى بن مسكين (٩٥) القاضي صلّى في مجلسه ركعتين تبرّكا به، وأوصى العامل بحفظ القرية.

ولم يزل أهل صفاقس عند القحط يذهبون لضريحه يستسقون به فيسقيهم الله.

وكان مولده ليلة الجمعة أوّل رمضان المعظّم قدره بالإنزال من سنة ثلاث عشرة ومائتين (٩٦)، وتوفّي - رحمه الله - سنة خمس وتسعين ومائتين (٩٧)، ودفن بقريته المشهورة به وقبره بها مشهور، وعليه قبّة، وهو على يسار الذّاهب لتونس من صفاقس، بعده من صفاقس يقرب من عشرين ميلا.

وممّا يستغرب أنّا لمّا أردنا تحقيق وفاته لم يحضرنا ما نعتمد عليه فسألت عن ذلك الأخ الأكمل ذا (٩٨) الذّهن الثّاقب والفكر الصّائب، من فاق من صغره أهل عصره، فنال من كل فنّ عيونه، ومن كلّ علم فنونه، فشارك في العلوم النّقلية والعقلية والأصلية


(٩٠) في ط: «السوري».
(٩١) في الأصول: «بن فرج»، وجاء في رياض النفوس: أبو علي عبد الله بن محمد بن الفرج المعروف بابن البناء، ٢/ ١٥٦ وفي المدارك والبيان «بن المفرج».
(٩٢) رياض النّفوس ص: ١٥٧ ومعالم الإيمان ٢/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٩٣) في ب وت وش وفي المعالم: «لم»، وفي ط: «لما».
(٩٤) في ط: «عند».
(٩٥) هذه القرية ما زالت معروفة بإقليم السّاحل إلى الآن.
(٩٦) ١٣ نوفمبر ٨٢٨، وفي غيره سنة ٣١٤/ ٨٢٩.
(٩٧) ٩٠٧ - ٩٠٨ م.
(٩٨) في الأصول: «ذي».