للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبوه أوصى لذكوره وذكور أخويه بثلث مخلفه، وله هو ذكر واحد، ولكلّ واحد من أخويه عدّة ذكور، فبعد وفاة والده طلب الشّيخ أبو الحسن أن يكون قسمة الوصيّة على عدّة جهات: أولاد الموصي لينوب والده ثلث الوصيّة، وطلب إخوته قسمتها على عدّة رؤوس الجهات الثلاث ليضعف حصّة ولده فتنازعوا في ذلك، وادّعى (٥٠٥) الشّيخ أبو الحسن المذكور أنّ العرف إنّما جرى بالقسمة على الجهات، واستفتى المفتيين في ذلك، فأجابه شيخنا أبو الحسن علي بن الشاهد المينيي مفتي جربة - رحمه الله - بالعمل بمقتضى العرف، حسبما هو مطلوب الشّيخ أبي الحسن، وبذلك / أجاب الشّيخ الشّرفي - رحمه الله تعالى - وقرّر أن عرف البلد جرى بذلك، وعليه العمل عندنا ببلد صفاقس، وحكم الشّيخ أحمد لولو قاضي صفاقس بما أجاب به المفتيان، ورفع الخلاف في النّازلة. ثمّ توجّه الشّيخ أبو الحسن لتونس ليحكم له قاضي الحضرة، وكان العمدة الهمام الشّيخ سعادة (٥٠٦) مفتي تونس من مشايخ الشّيخ أبي الحسن، وعلم أنّ الدّعوى لا تتمّ إلاّ بعد وقوف الشّيخ سعادة عليها، وأنّه لا بدّ من أخذ فتواه، فاستفتاه معتذرا عن تقديم غيره في الإستفتاء وتأخيره هو، ناظما لسؤاله في أعذب نورية، وأحسن توفية، وأوجز عبارة، وألطف إشارة بقوله:

[الكامل]

يا سيّدا (٥٠٧) ساد الأنام بفضله، ... فسما على زهر السّما وزياده

ألقت إليه المشكلات سلاحها ... من طوعها قهرا بغير (٥٠٨) إراده

ما جاء بابك للإفادة (٥٠٩) سائل ... إلاّ سمحت له بخير (٥١٠) إفاده

ومن (٥١١) أتى مستنجد من دهره ... ما عوده إلاّ بخير إعاده (٥١٢)


(٥٠٥) في ش: «ادعا».
(٥٠٦) محمّد بن عمر سعادة العالم الأديب الشّاعر (ت.١١٧١/ ١٧٥٨) قرأ بجامع الزيتونة وبالجامع الأزهر ولبث طالب علم به مدّة سبع سنوات: أنظر تراجم المؤلفين التونسيين ٣/ ٢٩ - ٣٤.
(٥٠٧) في الأصول: «يا كاملا». والتّصويب من الدّيوان ص: ١٣٩.
(٥٠٨) في الدّيوان: «وغير».
(٥٠٩) في ش: «يستفيدك»، وفي ب: «يستعيدك»، وفي ط: «بسعدك»، وفي ت: «يستعدك».
(٥١٠) كذا في ب والدّيوان وفي بقية الأصول: «بكل».
(٥١١) في الدّيوان: «ومتى».
(٥١٢) في الأصول: «ما لم يعد إلاّ بخير إعادة».