للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَبَرَيْنِ كَذِبًا أَوْ غَيْرَ دَالٍّ عَلَى مُنَاقَضَةِ الْخَبَرِ الْآخَرِ، وَأَمَّا الْأُصُولُ الْجَامِعَةُ كَالْأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَالصِّدْقِ، وَالْعَدْلِ، وَتَحْرِيمِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ الْفَوَاحِشُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمُ وَالْبَغْيُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَالْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَأَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْحَقِّ، وَذَلِكَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالْأَعْرَافِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مِثْلِ هَذَا: هَلْ يُمْكِنُ نَسْخُهُ وَتَنَوُّعُ الشَّرَائِعِ بِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَمَنْ جَوَّزَ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَحْضِ الْمَشِيئَةِ لَا إِلَى صِفَاتٍ تَقْتَضِي الْأَمْرَ بِهَذَا دُونَ هَذَا، فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوا دُخُولَ النَّسْخِ فِي هَذَا، وَتَنَوُّعَ الشَّرَائِعِ فِيهِ، كَمَا يَقُولُهُ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ، وَالْأَشْعَرِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ نَسْخٌ.

وَأَمَّا جُمْهُورُ النَّاسِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ دُخُولَ النَّسْخِ فِي هَذَا، وَلَا تَنَوُّعَ الشَّرَائِعِ فِيهِ، وَلِهَذَا كَانَ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١] (٥١) {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: ٥٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>