للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى يَدَيْهِ وَيَدَيْ أُمَّتِهِ، لَا عَلَى يَدِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ شَرْعَ أُولَئِكَ كَامِلٌ لَا تَبْدِيلَ فِيهِ، لَكَانَ مَغْلُوبًا مَقْهُورًا، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلَ مَنْ يُؤَيِّدُ دِينَهُ وَيُظْهِرُهُ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُبَدَّلٌ؟ وَلَوْ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِينُ أَحْمَدَ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ، فَذَاكَ مَفْضُولٌ مُبَدَّلٌ، وَهَذَا فَاضَلٌ لَمْ يُبَدَّلْ، وَذَلِكَ مَغْلُوبٌ مَقْهُورٌ، وَهَذَا مُؤَيَّدٌ مَنْصُورٌ. وَبِبَعْضِ هَذَا تَحْصُلُ الْفَائِدَةُ فِي إِرْسَالِهِ.

فَكَانَ مِنْ أَجَلِّ الْفَوَائِدِ إِرْسَالُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إِرْسَالِهِ.

الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُمْ: " لَمَّا كَانَ الْبَارِي عَدْلًا جَوَّادًا أَوْجَبَ أَنْ يُظْهِرَ عَدْلَهُ وَجُودَهُ " فَيُقَالُ لَهُمْ: جُودُ الْجَوَّادِ غَيْرُ إِلْزَامِ النَّاسِ بِتَرْكِ حُقُوقِهِمْ، فَإِنَّ الْجَوَّادَ هُوَ الَّذِي يُحْسِنُ إِلَى النَّاسِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي يُلْزِمُ النَّاسَ بِتَرْكِ حُقُوقِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِنْجِيلِ أَلْزَمَتِ النَّاسَ بِتَرْكِ حُقُوقِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يُنْصَفُ مَظْلُومٌ مِنْ ظَالِمِهِ، وَلِهَذَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ حُكْمٌ عَدْلٌ يَحْكُمُونَ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ، بَلِ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ حُكْمَانِ: حُكْمُ الْكَنِيسَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ. وَالثَّانِي: حُكْمُ الْمُلُوكِ، وَلَيْسَ هُوَ شَرْعًا مُنَزَّلًا، بَلْ هُوَ بِحَسْبِ آرَاءِ الْمُلُوكِ.

وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ يَرُدُّونَ النَّاسَ إِلَى حُكْمِ شَرْعِ الْإِسْلَامِ فِي الدِّمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>