وَمَا بَيْنَهُمَا مَخْلُوقٌ أَوْ مَصْنُوعٌ أَوْ مَعْقُولٌ أَوْ مُحْدَثٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ - عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُولٌ، مَعَ كَوْنِهِ قَدِيمًا أَزَلِيًّا لَمْ يَزَلْ.
وَأَمَّا لَفْظُ " الْقَدِيمِ " فَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي خَاطَبَنَا بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، يُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى غَيْرِهِ تَقَدُّمًا زَمَانِيًّا، سَوَاءٌ سَبَقَهُ عَدَمٌ أَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩] وَقَالَ تَعَالَى: {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: ٩٥] وَقَالَ " الْخَلِيلُ ": {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٥]
فَلِهَذَا كَانَ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا، وَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ - أَحَقَّ بِاسْمِ الْقَدِيمِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ الْقَدِيمَ وَالْمُتَقَدِّمَ اسْمًا لِمَا قَارَنَ غَيْرَهُ فِي الزَّمَانِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ بِالْعِلَّةِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَسَابِقٌ لَهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِنَّ ذَلِكَ الْمَعْلُولَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، ثُمَّ يَحْمِلُ مَا جَاءَ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَعُمُومِ الْخَلْق عَلَى هَذَا الِاصْطِلَاحِ لَوْ كَانَ حَقًّا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَاطِلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute