للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا عَقَدْتُمْ بِهِ شَرِيعَةَ إِيمَانِكُمْ، وَوَجَدْنَا قَوْمًا مِنْكُمْ إِذَا نُوظِرُوا فِي ذَلِكَ قَالُوا: قَدْ وَجَدْنَا أَكْثَرَ الْأَدْيَانِ يَخْتَلِفُ أَهْلُهَا فِيهَا، وَيَتَفَرَّقُونَ عَلَى مَقَالَاتٍ شَتَّى هُمْ عَلَيْهَا، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّ الصَّوَابَ فِي يَدِهِ.

وَهَذَا أَيْضًا مِنْ سُوءِ الِاخْتِيَارِ، وَذَهَابِ الْقُلُوبِ عَنْ رُشْدِهَا وَانْصِرَافِهَا عَنْ سَبِيلِ حَقِّهَا.

فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ دِينٍ مِنَ الْأَدْيَانِ فِي عَقْدِ مَعْبُودِهِمْ، وَلَا شَكُّوا فِيهِ وَلَا تَفَرَّقُوا الْقَوْلَ فِيمَا اخْتَارُوهُ، إِلَّا أَهْلُ مِلَلِ النَّصْرَانِيَّةِ فَقَطْ.

وَسَائِرُ مَنْ سِوَاهُمْ إِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي فُرُوعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ وَشَرَائِعِهِ، مِثْلَ اخْتِلَافِ الْيَهُودِ فِي أَعْيَادِهِمْ وَسُنَنٍ لَهُمْ، وَمِثْلَ اخْتِلَافِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقَدَرِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ دَفَعَهُ.

وَفِي تَفْضِيلِ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نُظَرَائِهِمْ بَعْدَ اتِّفَاقِ جَمَاعَتِهِمْ عَلَى إِلَهِهِمْ وَمَعْبُودِهِمْ وَخَالِقِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ إِلَهَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا وَلَدَ.

ثُمَّ اتِّفَاقُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَشُكُّونَ فِيهِ، وَعَلَى الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُرْسَلِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.

فَإِذَا صَحَّ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ، كَانَ مَا سِوَاهَا خَلَلًا لَا يَقَعُ مَعَهُ كُفْرٌ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ دِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>