مَا أَرَدْتُمُ الْقَوْلَ فِيهِ كَانَ بُطْلَانَ الشَّرِيعَةِ.
قَالَ: وَنَسْأَلُكُمْ أَيْضًا عَنْ وَاحِدَةٍ، لِمَ سَمَّيْتُمُ الْأَبَ أَبًا وَالِابْنَ ابْنًا؟ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ وَجَبَ لِلْأَبِ اسْمُ الْأُبُوَّةِ لِقِدَمِهِ، فَالِابْنُ أَيْضًا يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ بِعَيْنِهِ، إِذْ كَانَ قَدِيمًا مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَالِمًا عَزِيزًا فَهُوَ أَيْضًا عَالِمٌ عَزِيزٌ تَشْهَدُ شَرِيعَةُ الْإِيمَانِ لَهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهَا: إِنَّهُ خَلَقَ الْخَلَائِقَ كُلَّهَا وَأُتْقِنَتْ عَلَى يَدِهِ، وَأَنَّهُ نَزَلَ لِخَلَاصِكُمْ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا عَالِمًا عَزِيزًا، فَهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تُبْطِلُ اسْمَ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَفِي إِبْطَالِهَا بُطْلَانُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي تَقُولُ: وُلِدَ مِنْ أَبِيهِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَالِابْنُ مُتَكَافِئَيْنِ فِي الْقِدَمِ وَالْقُدْرَةِ، فَبِأَيِّ فَضْلٍ وَسُلْطَانٍ لِلْأَبِ عَلَيْهِ أَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَصَارَ الْأَبُ بَاعِثًا وَالِابْنُ مَبْعُوثًا، وَالْأَبُ مَتْبُوعًا مُطَاعًا وَالِابْنُ تَابِعًا مُطِيعًا؟ .
وَمِمَّا يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِنَا وَبُطْلَانِ مَا تَأَوَّلَهُ أَوَّلُوكُمْ فِي عُبُودِيَّةِ الْمَسِيحِ، أَنَّ " مَتَّى " التِّلْمِيذَ حِينَ بَنَى كِتَابَهُ الْإِنْجِيلَ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ أَنْ قَالَ: كِتَابُ مَوْلِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَنَسَبَهُ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَمْ يَقِلْ: إِنَّهُ ابْنُ اللَّهِ، وَلَا إِنَّهُ إِلَهٌ مِنْ إِلَهٍ كَمَا يَقُولُونَ: فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ تَسْمِيَةَ يَسُوعَ لِلنَّاسُوتِ الَّذِي قَدْ جَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute