للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ كَلَامَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مُتَأَوَّلٌ، لِأَنَّهُمَا مِنْ وَلَدِ إِسْرَائِيلَ، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الدُّنْيَا.

قُلْنَا: وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْمَسِيحِ أَنَا قَبْلَ الدُّنْيَا مُتَأَوَّلٌ، لِأَنَّهُ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنْ تَأَوَّلْتُمْ تَأَوَّلْنَا، وَإِنْ تَعَلَّقْتُمْ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي الْمَسِيحِ تَعَلَّقْنَا بِظَاهِرِ الْخَبَرِ فِي سُلَيْمَانَ وَدَاوُدَ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟

وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا الِاحْتِجَاجَ عَلَى تَأْوِيلِكُمْ لِتَعْلَمُوا بُطْلَانَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ تَأْوِيلٌ غَيْرُ وَاقِعٍ بِحَقِّهِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ يَعْنِي " عَمَانْوِيلَ " لَمَّا وَقَعَ عَلَى الْمَسِيحِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّ " إِلَهَنَا مَعَنَا " يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ مَعَهُ وَمَعَ شَعْبِهِ مُعِينًا وَنَاصِرًا.

وَمِمَّا يُصَحِّحُ ذَلِكَ أَنَّكُمْ تَتَّسِمُونَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَسَمَّى بِهِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَسَمَّى بِالْمَسِيحِ ; لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَعْنَاهُ.

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ تَلَامِيذَ الْمَسِيحِ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْآيَاتِ بِاسْمِ الْمَسِيحِ.

قُلْنَا لَكُمْ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا: (قَدْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَبِقُوَّةِ إِلْيَاسَ، وَهِيَ قُوَّةٌ تَفْعَلُ الْآيَاتِ) ، فَأَضَافَ الْقُوَّةَ إِلَى إِلْيَاسَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>