للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْقُولِ، وَتُنْكِرُهُ النُّفُوسُ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ، الَّذِي لَا يَصِحُّ بِحُجَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ وَلَا تَأْوِيلٍ عَلَى الْقَوْلِ الْجَمِيلِ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ الْعُقُولُ وَتَسْكُنُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ وَيُشَاكِلُ عَظَمَةَ اللَّهِ وَجَلَالَهُ.

قَالَ: وَإِذَا تَأَمَّلْتُمْ كُلَّ مَا بَيَّنَاهُ تَأَمُّلَ إِنْصَافٍ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَإِشْفَاقٍ عَلَيْهَا، عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُتَأَوَّلَ فِيهِ لِلنَّاسُوتِ شَيْئًا دُونَ اللَّاهُوتِ.

قَالَ: فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَسِيحِ الْبُنُوَّةَ بِقَوْلِهِ: (أَبِي وَأَبِيكُمْ، وَيَا أَبِي، وَبَعَثَنِي أَبِي) . قُلْنَا: فَإِنْ كَانَ الْإِنْجِيلُ أُنْزِلَ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَمْ تُبَدَّلْ وَلَمْ تُغَيَّرْ، فَإِنَّ اللُّغَةَ قَدْ أَجَازَتْ أَنْ يُسَمَّى الْوَلِيُّ ابْنًا، وَقَدْ سَمَّاكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا بَنِيهِ، وَأَنْتُمْ لَسْتُمْ فِي مِثْلِ حَالِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِإِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ: (أَنْتَ ابْنِي بِكْرِي) . وَقَالَ لِدَاوُدَ فِي الزَّبُورِ: (أَنْتَ ابْنِي وَحَبِيبِي) . وَقَالَ الْمَسِيحُ فِي الْإِنْجِيلِ لِلْحِوَارِيِّينَ: (أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ) . فَسَمَّى الْحَوَارِيِّينَ أَبْنَاءَ اللَّهِ، وَأَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ إِلَهًا هُوَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>