للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِيَّاهُ تَعَالَى نَسْأَلُ أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَأَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْهُ رَحْمَةً، إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ.

قَالَ: وَلَمَّا نَظَرْتُ فِي مَقَالَاتِ النَّصَارَى وَجَدْتُ صِنْفًا مِنْهُمْ يُعْرَفُونَ بِالْأَرِيُوسِيَّةِ يُجَرِّدُونَ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَيَعْتَرِفُونَ بِعُبُودِيَّةِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا يَقُولُونَ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُهُ النَّصَارَى مِنْ رُبُوبِيَّةٍ وَلَا بُنُوَّةٍ خَاصَّةٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَهُمْ مُتَمَسِّكُونَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ مُقِرُّونَ بِمَا جَاءَ بِهِ تَلَامِيذُهُ وَالْحَامِلُونَ عَنْهُ، فَكَانَتْ هَذِهِ الطَّبَقَةُ قَرِيبَةً مِنَ الْحَقِّ مُخَالِفَةً لِبَعْضِهِ فِي جُحُودِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَفْعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

قَالَ: ثُمَّ وَجَدْتُ مِنْهُمْ صِنْفًا يُعْرَفُونَ بِالْيَعْقُوبِيَّةِ، يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ طَبِيعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ طَبِيعَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا طَبِيعَةُ النَّاسُوتِ وَالْأُخْرَى طَبِيعَةُ اللَّاهُوتِ، وَأَنَّ هَاتَيْنِ الطَّبِيعَتَيْنِ تَرَكَّبَتَا كَمَا تَرَكَّبَتِ النَّفْسُ مَعَ الْبَدَنِ فَصَارَتَا إِنْسَانًا وَاحِدًا وَجَوْهَرًا وَاحِدًا وَشَخْصًا وَاحِدًا، وَأَنَّ هَذِهِ الطَّبِيعَةَ الْوَاحِدَةَ وَالشَّخْصَ الْوَاحِدَ هُوَ الْمَسِيحُ، وَهُوَ إِلَهٌ كُلُّهُ وَإِنْسَانٌ كُلُّهُ، وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَطَبِيعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ طَبِيعَتَيْنِ.

وَقَالُوا: إِنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتِ اللَّهَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ، وَإِنَّ اللَّهَ مَاتَ وَتَأَلَّمَ وَصُلِبَ مُتَجَسِّدًا، وَدُفِنَ وَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْأَمْوَاتِ وَصَعِدَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>