للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَعَمَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّصَارَى أَنَّ النَّاسُوتَ مَعَ اللَّاهُوتِ كَمَثَلِ الْخَاتَمِ مَعَ الشَّمْعِ، يُؤَثِّرُ فِيهِ بِالنَّقْشِ، ثُمَّ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَثَرُهُ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ وَمَنْ مَعَهُ: وَاخْتَلَفَتِ النَّصَارَى فِي الْأَقَانِيمِ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ: هِيَ جَوَاهِرٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ خَوَاصٌّ، وَقَالَ قَوْمٌ هِيَ صِفَاتٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ أَشْخَاصٌ، وَالْأَبُ عِنْدَهُمُ الْجَوْهَرُ الْجَامِعُ لِلْأَقَانِيمِ، وَالِابْنُ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي اتَّحَدَتْ عِنْدَ مَبْدَأِ الْمَسِيحِ، وَالرُّوحُ هِيَ الْحَيَاةُ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّحَادَ صِفَةُ فِعْلٍ وَلَيْسَ بِصِفَةِ ذَاتٍ.

قَالُوا: وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِي الِاتِّحَادِ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا، فَزَعَمَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَنَّ الِاتِّحَادَ هُوَ أَنَّ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ الِابْنُ حَلَّتْ جَسَدَ الْمَسِيحِ وَقِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ.

وَزَعَمَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَنَّ الِاتِّحَادَ: هُوَ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْيَعْقُوبِيَّةِ: هُوَ أَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ قَدِ انْقَلَبَتْ لَحْمًا وَدَمًا بِالِاخْتِلَاطِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْيَعْقُوبِيَّةِ وَالنَّسْطُورِيَّةِ: الِاتِّحَادُ هُوَ أَنَّ الْكَلِمَةَ وَالنَّاسُوتَ اخْتَلَطَا وَامْتَزَجَا كَاخْتِلَاطِ الْمَاءِ بِالْخَمْرِ وَامْتِزَاجِهِمَا، وَكَذَلِكَ الْخَمْرِ بِاللَّبَنِ.

وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ: الِاتِّحَادُ هُوَ أَنَّ الْكَلِمَةَ وَالنَّاسُوتَ اتَّحَدَا فَصَارَا هَيْكَلًا وَاحِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>