كَلَامٌ مُسْتَدْرَكٌ فَإِنَّ اللَّهَ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الثُّبُوتِيَّةِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهَا سَلْبُ صِفَاتِ النَّقْصِ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ لَا يُمْدَحُ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ إِلَّا لِتَضَمُّنِهَا الْمَعَانِي الثُّبُوتِيَّةَ، فَإِنَّ الْعَدَمَ الْمَحْضَ وَالسَّلْبَ الصِّرْفَ لَا مَدْحَ فِيهِ وَلَا كَمَالَ، إِذْ كَانَ الْمَعْدُومُ يُوصَفُ بِالْعَدَمِ الْمَحْضِ، وَالْعَدَمُ نَفْيٌ مَحْضٌ لَا كَمَالَ فِيهِ، إِنَّمَا الْكَمَالُ فِي الْوُجُودِ.
وَلِهَذَا جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَصِفُ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ بِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَبِصِفَاتِ السَّلْبِ الْمُتَضَمَّنَةِ لِلثُّبُوتِ كَقَوْلِهِ:
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥] .
فَنَفْيُ أَخْذِ السِّنَةِ وَالنَّوْمِ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ، إِذِ النَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ مَعَ كَمَالِ الرَّاحَةِ، كَمَا لَا يَمُوتُونَ.
وَالْقَيُّومُ: الْقَائِمُ الْمُقِيمُ لِمَا سِوَاهُ، فَلَوْ جُعِلَتْ لَهُ سِنَةٌ أَوْ نَوْمٌ لَنَقَصَتْ حَيَاتُهُ وَقَيُّومِيَّتُهُ، فَلَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَلَا قَيُّومًا، كَمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، لَمَّا سَأَلُوا مُوسَى: هَلْ يَنَامُ رَبُّكَ؟ فَأَرَّقَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَعْطَاهُ قَوَارِيرَ فَأَخَذَهُ النَّوْمُ فَتَكَسَّرَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute