ونحن على شك من تعديلهما، وهو إن لم يثبت؛ بطل الحق، وشاهد واحد في الأول ثابت بكل حال، والحلف معه ممكن إن لم يجد آخر، ويثبت الحق؛ فحاصله إن لم يقم المدعي إلا لطخاً قاصراً عن شاهد عدل، وعن شهيدين ممكن تعديلهما؛ وقف المدعي فيه ما لم يخش فساده، فإن خشي فساده؛ خلي بينه وبين المدعي عليه، وكذا إن أقام شاهداً عدلاً، وقال: لا أحلف معه بوجه، وإن قال: أحلف معه أو أتي بشاهدين؛ ينظر في تعديلهما بيع ووقف ثمنه حسبما ذكره في الأم.
ومثل ما ذكره عياض عن المذهب ذكر أبو حفص العطار، وزاد: إن كان أتى الطالب بشاهد واحد ولم يزكه، وهو قابل للتزكية؛ فهو كقيام شهيدين؛ ينظر في تزكيتهما، يباع المدعي فيه لخوف فساده، ونقل أبو إبراهيم قول عياض ولم يتعقبه.
وقال ابن الحاجب:(وما يفسد من طعام وغيره، قالوا: يباع وبوقف ثمنه إن كان شاهدان، ويستحلف ويخلي إن كان شاهد)، ف ١ كره ابن هارون فقبله، ولم يزد فيها حرفاً.
وقال ابن عبد السلام: تبرأ المؤلف من هذا القسم بقوله: (قالوا)؛ لأنهم مكنوا من الطعام بيده بعد قيام شاهد عليه، ولم يمكنوه منه إن قام عليه شاهدان؛ بل قالوا: يباع ويوقف ثمنه، ومن المعلوم أن شاهداً واحداً أضعف من شاهدين، قال: فإن قلت: لأجل أنه أضعف منهما؛ أبقوا الطعام بيد المدعي عليه، وألغوا أثر شهادة الشاهد.
قلت: لو كان هذا صحيحاً؛ لزم مثله فيما لا يخشى فساده أن يحلف من هو بيده، ويترك يفعل فيه ما أحب، غير أنه يمكن أن يجاب عن أهل المذهب بأن ما يخشى فساده؛ تعذر القضاء بعينه لمدعيه؛ لما يخشى من فساده قبل ثبوت دعواه، فلم يبق إلا النزاع في ثمنه، فهو إذن كدين على من هو بيده، فيمكن منه بعد أن يحلف؛ ليسقط حق المدعي في تعجيله، ولا يقال: يلزم مثله فيما قام عليه شاهدان؛ لأن حق المدعي فيه أقوى من حق المدعي عليه.
قلت: حاصل كلامه: أن المذهب عنده هو ما نصه ابن الحاجب، وأشار إلى التبري منه، وهو أن الشاهد الواحد فيما يخشى فساده يوجب عدم تمامه حين خوف فساد