«بعثت قريش سهيل بن عَمرو، وحويطب بن عبد العزى، وحفص، إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم ليصالحوه، فلما رآهم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فيهم سهيل، قال: قد سهل من أمركم, القوم يأتون إليكم بأرحامهم، وسائلوكم الصلح، فابعثوا الهدي، واظهروا بالتلبية, لعل ذلك يلين قلوبهم, فلبوا من نواحي العسكر، حتى ارتجت أصواتهم بالتلبية، قال: فجاؤوه فسألوا الصلح، قال: فبينما الناس قد توادعوا, وفي المسلمين ناس من المشركين، وفي المشركين ناس من المسلمين, فقيل: أَبو سفيان! فإذا الوادي يسيل بالرجال والسلاح، قال: قال إياس: قال سلمة: فجئت بستة من المشركين مسلحين أسوقهم, ما يملكون لأنفسهم نفعا، ولا ضرا, فأتينا بهم النبي صَلى الله عَليه وسَلم فلم يسلب، ولم يقتل، وعفا، قال: فشددنا على ما في أيدي المشركين منا, فما تركنا فيهم رجلا منا إلا استنقذناه، قال: وغلبنا على من في أيدينا منهم، ثم إن قريشا أتت سهيل بن عَمرو، وحويطب بن عبد العزى، فولوا صلحهم, وبعث النبي صَلى الله عَليه وسَلم عليا، وطلحة, فكتب علي بينهم: بسم الله الرَّحمَن الرحيم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشا: صالحهم على أنه لا إغلال، ولا إسلال, وعلى أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجا، أو معتمرا، أو يبتغي من فضل الله، فهو آمن على دمه وماله, ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أَو إلى الشام، يبتغي من فضل الله، فهو آمن على دمه وماله, وعلى أنه من جاء محمدا من قريش فهو رد, ومن جاءهم من أصحاب محمد فهو لهم, فاشتد ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: من جاءهم منا فأبعده الله, ومن جاءنا منهم رددناه إليهم, يعلم الله الإسلام من نفسه يجعل الله له مخرجا, وصالحوه على أنه يعتمر عاما قابلا في مثل هذا الشهر، لا يدخل علينا بخيل، ولا سلاح، إلا ما يحمل المسافر في قرابه، فيمكث فيها ثلاث ليال, وعلى أن هذا الهدي حيث حبسناه فهو محله، لا يقدمه علينا، فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: نحن نسوقه، وأنتم تردون وجهه».
⦗٣٩٢⦘
أخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٠٠٦) قال: حدثنا عُبيد الله بن موسى، عن موسى بن عُبيدة, عن إياس بن سلمة, فذكره (١).