قال: ثم دخلنا بيت المقدس، فإذا سائل مقعد يسأل، فسأله، فلا أدري ما قال له، فقال له المقعد: دخلت ولم تعطني شيئا، وخرجت ولم تعطني شيئا، قال: هل تحب أن تقوم؟ قال: فدعا له، فقام، فجعلت أتعجب وأتبعه فسهوت، فذهب الراهب، ثم خرجت أتبعه أسأل عنه، فرأيت ركبا من الأنصار، فسألتهم عنه، فقلت: أرأيتم رجل كذا وكذا؟ فقالوا: هذا عبد آبق، فأخذوني، فأردفوني خلف رجل منهم، حتى قدموا بي المدينة، فجعلوني في حائط لهم، فكنت أعمل هذا الخوص، فمن ثم تعلمتها، قال: وكان الراهب قال: إن الله، تعالى، لم يعط العرب من الأنبياء أحدا، وإنه سيخرج منهم نبي، فإن أدركته فصدقه، وآمن به، وإن آيته أن يقبل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وإن في ظهره خاتم النبوة، قال: فمكثت ما مكثت، ثم قالوا: جاء النبي صَلى الله عَليه وسَلم إلى المدينة، فخرجت معي بتمر فجئت إليه به، فقال: ما هذا؟ قلت: صدقة، قال: لا نأكل
⦗٣٣٨⦘
الصدقة، فأخذته، ثم أتيته بتمر فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت: هدية، فأكل، وأكل من كان عنده، ثم قمت وراءه لأنظر الخاتم، ففطن بي، فألقى رداءه عن منكبيه، فآمنت به وصدقته، قال: فإما كاتب على مئة نخلة، وإما اشترى نفسه بمئة نخلة، قال: فغرسها رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم بيده، فلم يحل الحول حتى بلغت، أو قال: أكل منها».
أخرجه عبد الرزاق (١٥٧٦٨) عن مَعمَر، عن رجل من بعض أصحابه، فذكره.