وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا عطشاً".
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في أبوال الإبل وألبانها شفاء للذرب". والذرب: فساد المعدة. قالوا: وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليهم"، وأخبر "في أبوالها شفاء"، فدل أنها طاهرة حلال.
وقال البراء بن عازب رضي الله عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أكل لحمه فلا بأس ببوله". وروي عن انس رضي الله عنه، قال: كنت بين يدي ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضباء فكانت تقصع بجرانها ولحاثها يسيل على رأسي، وهو يقول: "لبيك بجحة وعمرة"، فدل أن الحرة طاهرة. وعندكم هي نجسة. وهذا غلط للأخبار الواردة في البول، وقد ذكرنا، ولم تفصل، ولأنه حيوان محرم الدم، فكان محرم البول كالحيوان الذي لا يؤكل لحمه، أو نقول خارج نجس مما لا يؤكل لحمه، فكان نجساً مما يؤكل كما ذكرنا.
وأما الخبر الأول صار منسوخاً، لأنه روي أنه مثل فيهم ونسخت المثلة حتى نهى "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة، ولو بالكلب العقور" أو ذاك للضرورة والتداوي إذا لم يكن في غيره مثل ذلك الشفاء، وهكذا الجواب عن الخبر الثاني، وحال الضرورة، أنه لا يقول: أنه حرام، بل هو مباح، فيكون الشفاء في الحلال.
وأما الخبر الثالث: نحمله على حال الضرورة أيضاً، فإن قيل: وبول ما لا يؤكل لحمه عند الضرورة أيضاً، فلا تأثير له، قلنا: لعل السؤال وقع عن بول ما يؤكل فخصه بالذكر. وقيل: رواه سوار بن مصعب، وهو ضعيف، وقد روى: "ما يؤكل لحمه، فلا بأس بسؤره"، فلعل ما رويتم مصحف. وأما الخبر ليس فيه أنه لم يغسل ذلك، ويحتمل أنه أصابه اللعاب، ثم قصع بجرته. واحتج أبو حنيفة رحمه الله [١٧٣ أ / ٢] بأن الناس أجمعوا على ترك الحمام والعصافير في الماجد الصحابة والعلماء في بيت الله الحرام ذلك، ولم ينكر منكر، وهذا مما روي: في بول ما يؤكل لحمه وروثه إلى قول مالك وأحمد في سيرتهم خلفاً عن سلف في مدينة الحجاز، يمكن أن يجاب أنهم تركوا ذلك للحوق المشقة في إزالته، ألا ترى أنه مستقذر بلا خلاف، "وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -