للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون موت الجاني قبل موت المجني عليه، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجزي ما تقدم من سراية القصاص في القود عما حدث بعده من سراية الجناية؛ لأن تقديم القصاص من قبل استحقاقه لا يجزي بعد استحقاقه؛ لأن يصير سلفا، والسلف في القصاص لا يجوز فعلى هذا يؤخذ من تركة الجاني نصف الدية.

والثاني: أنه تجزي سراية القصاص وإن تقدمت عما وجب بالسراية عن الجناية وإن تأخرت لأن كل واحدة من السرايتين تابعة لأصلها، وقطع القصاص متأخر، فجرى على ما تقدم من سرايته حكم المتأخر، والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله: "ولو قتله عمدا ومعه صبي أو معتوه أو كان حر وعبد قتلا عبدا أو مسلم ونصراني قتلا نصرانيا أو قتل ابنه ومعه أجنبي فعلى الذي عليه القصاص القصاص وعلى الآخر نصف الدية في ماله وعقوبة إن كان الضرب عمدا. قال المزني رحمه الله: وشبه الشافعي أخذ القود من البالغ دون الصبي بالقاتلين عمدا يعفو الولي عن أحدهما إن له قتل الآخر. فإن قيل: وجب عليهما القود فزال عن أحدهما بإزالة الولي قيل فإذا أزاله الولي عنه أزاله عن الآخر فإن قال لا قيل فعلهما واحد فقد حكمت لكل واحد منهما بحكم نفسه لا بحكم غيره. قال: فإن شركه قاتل خطأ فعلى العامد نصف الدية في ماله وجناية المخطئ على عاقلته واحتج على محمد بن الحسن في منع القود من العامد إذا شاركه صبي أو مجنون فقال: إن كنت رفعت عنه القود لأن القلم عنهما مرفوع وإن عمدهما خطأ على عاقلتهما فهلا أقدت من الأجنبي إذا قتل عمدا مع الأب لأن القلم عن الأب ليس بمرفوع وهذا ترك أصلك. قال المزني رحمه الله: قد شرك الشافعي رحمه الله محمد بن الحسن فيما أنكر عليه في هذه المسألة لأن رفع القصاص عن الخاطئ والمجنون والصبي واحد فكذلك حكم من شاركهم بالعمد واحد".

قال في الحاوي: إذا اشترك اثنان في قتل نفس لم يخل حالهما من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون كل واحد منهما لو انفرد بقتله قتل به كحرين قتلا حرا أو عبدين قتلا عبدا، أو كافرين قتلا كافرا، فعليهما إذا اشتركا في قتله القود، لأن كل واحد منهما لو انفرد بقتله وجب عليه القود.

والثاني: أن يكون كل واحد منهما لو انفرد بقتله لم يجب عليه القود، كحرين قتلا عبدا، أو مسلمين قتلا كافرا، فلا قود عليهما إذا اشتركا لسقوط القود عن كل واحد منهما إذا انفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>