والرابعة: فيه ثلاثةَ أقوال؛ أحدها: يلزمه كفارةَ اليمين ولكنه إن وفي بما ذكره أجزأه، وهذا العبد في القياس عبد عبدٍ.
وقال في والحاوي: إذا قلنا بالتخيير فيه وجهان:
أحدهما: الواجب عليه أحدهما وهما في الوجوب سواء، وله الخيار فيما شاء منهما. والثاني: الواجب عليه الكفارةً وله إسقاطها بالنذر؛ لأن حكم اليمين أغلب وهي بالله أغلظ وإن كان الوفاء بالنذر أفضل.
وقال الحكم وحماد والنخعي: لا يلزمه بهذا القول شيء بحالٍ؛ لأنه وصف ماله بما لا يصير موصوفًا به، وقال ربيعة: يلزمه أن يتصدق بقدر الزكاة من الأموال الزكاتية؛ لأن المطلق محمول على معهود الشرع، وإنما يجب في الشرع من المال قدر الزكاةً.
وقال مالك، والزهري، وأحمد في روايةً: يلزمه أن يتصدق بثلث ماله، واحتج بأن آبا لبابة قال: يا رسول الله، أتأذن لي آن أنخلع من مالي كله؟ فقال:"يجزيك منه الثلث".، فثبت أن الثلث يقوم مقام الكل.
وقال أبو حنيفة: يلزمه أن يتصدق بجمع أمواله الزكاتيةً دون غيرها، فإن لم يكن له إلا المال الزكاتي أمسك منه قدر النفقةً ثم قضى ذلك إذا أيسر. وقال عثمان البتي: يلزمه التصدق بجميع ماله الزكاتي وغير الزكاتي، كما لو قال: إن شفي الله مريضي [(٨٨) / ب] فلله علتي التصدق بمالي، وهو رواية عن ابن عمر - رمحي الله عنهما - وقال جابر ين زيد أبو الشعثاء ت إن كان ماله كثيرًا يتصدق بعشرهِ، وإن وسطًا يتصدق بسبعهِ، وإن كان قليلًا يتصدق بخمسهِ، والكثير ألفان، والوسط ألف، والقليل خمسمائةً. ودليلنا ما روت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال؛ " من حلف بالمشي والهدى، أو جعل ماله في سبيل الله أو المساكين، آو في رتاج الكعبةَ فكفارته كفارة يمينًا، وأيضًا فبدايته بداية الأيمان، ونهايته نهايةَ النذر فخيرنا بين حكميهما. وروى سعيد بن المسيب آن أخوين كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمةً، فقال- صلى الله عليه وسلم - إن عدت سألتني القسمة لا أكلمك أبدأ وكل مالي في رتاج الكعبةً، فقال له عمر - رضي الله عنه- إن الكعبةً غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب". وقال في قطيعةُ الرحم؛ "ولا فيما تملك". وأصل الرتاج الباب، ولم يرد به الباب نفسه، وإنما المعنى أن يكون ماله هديًا إلى الكعبةً، أي في كسوةَ الكعبةً والنفقةً عليها.
وروي أن رجلا مال عائشةَ - رضي الله عنها - عمن قال: كل عالي في سبيل الله، أو كل مالي في رتاج الكعبةً، ما يكفر ذلك؟ فقالت: يكفره ما يكفر اليمين.