للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعزت الجارية يردها ولا شيء عليه، وقال أبو ثور: يضمن هذا النقصان أيضاً وهذا غلط لأنه لم يحصل النقص في عينها ويستحيل وجوب الضمان بقلة الرغبات فيها بعد كثرة الرغبات فيها فإن قال قائل: أليس لا يفترق الحكم بين أن يحصل التعليم من الغاصب وبين أن يحصل من غيره فما بال الشافعي قيد كلامه بتعليم الغاصب حيث قال: فإن زادت في يده بتعليم منه قلنا: إنما قيد بهذا التعيين التقييد قطعاً لنوعين من التوهم أحدهما: أن الغاصب إذا باشر تعليمها ربما يتوهم أنها إذا نسيت ما تعلمت من الغاصب لم يغرم الغاصب نقصان ذلك لحصول تلك الزيادة من جهته، والثاني: أن الغاصب ربما يتوهم أن له بتعليمها على مالكها أجرة المثل حتى يحسبها له في قصاص النقصان عند التراجع فبين الشافعي أنه لا يستحق أجراً تصرف في ملك الغير متبرعاً بغير إذن، وعلى هذا لو زادت قيمتها بحسن اغتذائه وتربيته إياها ثم تراجعت كان حكم الاغتذاء حكم التعليم، فإن قيل: لم قيد الشافعي بمال الغاصب حيث قال: واغتذاء من ماله ولا فرق في الحكم بين أن يكون الاغتذاء من ماله أو من مال غيره؟ قلنا: الجواب ما ذكرنا من قطع التوهمين.

فرع آخر

لو غصب عبداً فصاد به فالصيد للمغصوب منه لأن يده لسيده، وهل على الغاصب أجرته في مدة صيده؟ وجهان أحدهما: يلزمه لأنه غاصب، والثاني: لا يلزمه لأن السيد صار إلى منافعه في ذلك الزمان.

فرع آخر

لو كان المغصوب كلباً أو فهداً ففي الصيد وجهان أحدهما: للغاصب لأنه المرسل وعلى هذا يلزمه أجرة الفهد، وفي أجرة الكلب وجهان والوجه الثاني أنه للمالك تغليباً للملك وعلى هذا يلزم الغاصب أجرة ذلك في زمان صيده وجهان على ما ذكرنا.

مسألة (١): قال " "وكذلك [٢٠/ب] هذا في ابيع الفاسد".

وهذا كما قال: معناه إذا اشترى جارية شراء فاسداً وقبضها دخلت في ضمانه كما يدخل المغصوب بالغصب في ضمان الغاصب وقد ذكرنا هذا في كتاب البيع وبينا أن هذا يدل على أن زيادة المبيع مضمونة على المشترى شراءً فاسداً بخلاف ما قال بعض أصحابنا وهو اختيار ابن أبي هريرة، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان وفيه نظر، فإن قال قائل: يحتمل أن يكون هذا التشبيه راجعاً إلى أصل الضمان لا إلى كيفية الضمان قلنا: هذا محتمل ولكن أظهر الاحتمالين ما ذكرنا وهو أنه شبهها بالمغصوبة في أصل الضمان وفي كيفية الضمان أيضاً وهذا لأنه زيادة عين نهي عن إمساكها ووجب ردها على صاحبها، فإن قيل: أذن البائع له بالإمساك فينبغي أن لا يضمن له


(١) انظر الأم (٣/ ٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>