قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا أوجب الأضحية وعينها خرجت بالإيجاب عن ملكه، ومنع من التصرف فيها، ووجب عليه مؤنثها وحفظها إلى وقت نحوها، وهو قول علي عليه السلام، ومذهب أبي يوسف وأبي ثور.
وقال أبو حنيفة، ومحمد: لا تخرج بالإيجاب عن ملكه، ولا يمنع من التصرف فيها، ويكون بإيجابها مخيراً بين ذبحها أو ذبح غيرها، احتجاجاً بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه أهدى مائة بدنة عام حجه، فقدم عليه علي من اليمن فأشركه فيها، ولو خرجت بالإيجاب عن ملكه ما جعل فيها شركاً لغيره؛ ولأنه لو أوجب على نفسه عتق عبد فقال: لله علتي أن أعتقه لم يخرج بهذا الإيجاب عن ملكه جماعاً، وكذلك إيجاب الأضحية لا يخرجها عن ملكه احتجاجاً. ولأن ما تعلق بالأعيان المملوكة من حقوق الله تعالى تقتضي زوال الملك، ولا يمنع من التصرف كالزكاة إذا وجبت في المال.
ولأن القصد في إيجابها ما ينتفع به الفقراء من لحمها وانتفاعهم بلحم غيرها كانتفاعهم بلحمها، فوجب أن يستويا.
ولأنها بعد الإيجاب مملوكة فلما لم تصر ملكا للفقراء وجب أن تكون باقية على ملك المضحي.